محمد المسيري المقدسي في مدح المترجم وأخيه الحاج محمد المتوفى سنة 1242، مطلعها
سقى الله وادي الشام ذا الرفع والهبطِ ... بواكرَ غيثٍ بين عال ومنحطّ
وحيى ربوعًا قد برزن كواكبًا ... تميس كما ماس الخرائد بالمرطِ
بلادٌ بها ينسى الغريب بلاده ... ويسلو أهاليه مع الصحب والرهط
بلادٌ بها روض المسرة فائحٌ ... وبدر علاها لا يميل إلى حطّ
يضوع بها ضوع المسرة عابقًا ... وتنهال مزنُ البشر فيها بلا قنطِ
تكنفها الجنات من كل جانبٍ ... فأربى الشذا فيها على المِسْك والقسطِ
وكم نَهَرٍ فيها يجوس خلالها ... وكم جدولٍ ينساب في الدر كالرقطِ
وكم من مزاراتٍ بها ومشاهدٍ ... يلوح سناها للمصيب وللمخطي
وكم ماجدٍ فيها وكم عالمٍ بها ... تجرّ به ذيلًا على ربة القرطِ
وكم صالحٍ قد حل في فيحِ سوحها ... به يستقي غيثَ السماءِ إذا يبطي
أخا الحزم يمم نحوها واثو عندها ... وجز لجّها واهبط ببحبوحة الشطّ
تجد مستناخًا آهلًا ومبوّأ ... رحيبا وقومًا فضلهم جلّ عن ضبطِ
بهم سارت الرُّكبان في كل وجهةٍ ... وطيب ثناهم قد دعا الناس للغبطِ
أناس تراهم لا تتوق نفوسهم ... لغير العلى من غير شوب ولا خلطِ
وهمتهم غرس المكارم في الورى ... وكسب المعالي والتقصّي عن الرمطِ
وكم أسسوا آثار فضلٍ ومهّدوا ... قواعدَ برٍّ بدرها غير منحطِّ
ولم تلف فيهم غير برٍّ وماجدٍ ... وذلكَ دأبّ للشباب وللشُّمْطِ
تنبّه كلٌ لمرادِ من الدنا ... فسارع في مرضاة خالقه المعطي
ولم يثنهم عن منهج الرشد صارفٌ ... ولا غرت الدنيا بشيلٍ ولا حطِّ
ولا نظروا شذرًا ولا آثروا بها ... ولا اشتغلوا بالثلب والطعن والغمطِ