قد يكون من جنس كُفْرِ اليهود والنصارى، وقد يكون أعظم، وقد يكون أخفَّ، بحسب أحوالهم" (?).
وقال الإمام ابن القَيِّمِ مُسْتَنْكِرًا احتجاج المتصوفة بِقِصَّةِ الخَضِرِ مع موسى على جواز خروج الأولياء عن الشريعة الإسلامية:
"فمن ادَّعَى أنه مع مُحَمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- كالخَضِرِ مع موسى، أو جَوَّز ذلك لأحد من الأمة؛ فليجدد إسلامه، وليتشهد شهادة الحق؛ فإنه بذلك مُفَارِقٌ لدين الإسلام بالكلية؛ فضلًا عن أن يكون من خاصة أولياء اللَّه، وإنما هو من أولياء الشيطان، وخلفائه، ونُوَّابِهِ، وهذا الموضع مُقَطَّعٌ، ومُفَرَّقٌ، بين زنادقة القوم، وبين أهل الاستقامة منهم، فَحَرِّكْ تَرَهُ" (?).
"إن وجود الخَضِرِ- عليه السلام- على دين وشريعة غير شريعة موسى كان أمرا سائغًا، وسنة من سنن اللَّه قبل بعثة محمد- صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن النبي كان يُبْعَثُ إلى قومه خَاصَّة؛ ولذلك كان موسى رَسُولًا، إلى بني إسرائيل فقط، ولم يكن رَسُولًا، للعالمين، ولذلك لما سَلَّم موسى -عليه السلام- على الخَضِرِ، قال الخَضِرُ: وأَنَّى بأرضك السلام؟ قال له موسى: أنا موسى، قال الخَضِرُ: موسى بني إسرائيل؟! قال: نعم ... أي أنت مبعوث إلى بني إسرائيل، ومنهم.
ولذلك لم تكن شريعة موسى لازمة للخضر، ولجميع الناس في زمانه، وأما بعد بعثة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه لا يجوز شرعًا أن يكون هُنَاكَ من هو خَارجٌ عن شريعته؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- رسول العالمين، لا يَسَعُ الخَضِرَ ولا غيره أن يتخلف عن الإيمان به واتباعه؛ ولذلك لا وجود بتاتًا