للخَضِرِ، أو أمثاله، بعد بعثة الرسول محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-" (?).
ولو طاوعتِ الأُمةُ الصوفيةَ، واتبعت مزاعمهم في هذا الباب؛ احتِجَاجًا باستغلالهم السيئ لقصة موسى والخَضِرِ -عليهما السلام-، لبطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولَفُتِحَتِ الذريعة للزنادقة لاستحلال المحرمات، وإسقاط التكاليف؛ كما تذرعت إلى ذلك الباطنية بمفهومهم للباطن والظاهر.
إن قصة موسى والخَضِرِ حق من عند اللَّه، أما استغلال الصوفية لها، فإنما يريدون به الباطل؛ وذلك لوجوه تسعة (?):
الوَجْه الأوَّل: أن موسى -عليه السلام- كان يعلم منزلة الخَضِرِ في العلم، وبأنه أكثر عِلْمًا منه، وهذا كافٍ لأخذ ما عند الخضر بلا إنكار ولا اعتراض، ومع ذلك فقد أنكر موسى عليه، بينما لم يُخْبِرِ اللَّه العباد عن حقيقة صِدْقِ مشايخ وأولياء الصوفية، أو كذبهم، ولا أنزل فيهم ذِكْرًا يجعل الناس واثقين من أن ما يَرَوْنَهُ منهم من الأعمال المنكرة، قد يكون له تأويلات مشابهة لأعمال الخَضرِ.
فإنه حين سُئِلَ موسى -عليه السلام-: أي الناس أعلم؟ قال: "أنا"، فَعَتَب اللَّه عليه؛ إذ لم يَرُدَّ العلم إليه، فقال له: "بَلَى، لِي عَبْدٌ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ"، قَالَ: "أَيْ رَبِّ مَنْ لي بِهِ؟ " قَالَ: "تَأخُذُ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ في مِكْتَلٍ، حَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ" (?)، أي يكون في المكان الذي أضعت عنده الحوت.
إذن، فموسى على علم بمنزلته في العلم، وبمكانه الذي يَلْقَاهُ عنده، بل وهو