ومن كرامات الأولياء ما كان من أسيد بن حضير رضي الله عنه لما قرأ سورة الكهف، حيث نزل من السماء مثل الظلة فيها أمثال السرج على الخيل، وكانت هذه السرج هي الملائكة تنزلت لقراءته، وكانت الملائكة تسلم على عمران بن حصين، وكان سلمان وأبو الدرداء يأكلان في صحفة فسبح ما فيها من طعام.
وعباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما نور مثل طرف السيف، فلما افترقا افترق معهما النور.
وقصة الصديق في الصحيحين: أنه لما ذهب بثلاثة أضياف معه إلى بيته، وجعل لا يأكل لقمة إلا ربا مكانها لقمتان، وما كان عنده من طعام إلا بعض كسر.
هذا على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وخبيب بن عدي كان أسيراً عند المشركين، فنظرت امرأة الآسر له إليه وهو في أسره يأكل عنباً، وما بمكة عنبة واحدة.
وعامر بن فهيرة قتل شهيداً فالتمسوا جسده فلم يقدروا عليه، فنظروا إلى السماء، فوجدوا أنه محمول مرفوع قد رفعته الملائكة.
وأنتم تعلمون قصة حنظلة غسيل الملائكة الذي نودي للجهاد في ليلة زفافه، فخرج ولم يدرك غسل الجنابة، فلما مات قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما غسلته الملائكة) أي: من الجنابة.
وخرجت أم أيمن مهاجرة وليس معها زاد ولا ماء، فكادت تموت من العطش، فلما كان وقت الفطر وهي صائمة سمعت حساً من فوق رأسها، فرفعته فإذا بدلو معلق، فشربت منه حتى رويت وما عطشت بقية عمرها.
وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، خرج عليه أسد في طريق، فقال سفينة للأسد: يا كلب الله! كيف تؤذيني وأنا رسول رسول الله ومولاه، فصحبه الأسد حتى أبلغه مأمنه، أسد يرعى إنساناً! وذئب يرعى غنماً! أمور عجيبة وخوارق للعادة، ليست في أعراف الناس، ولا في أخلاق الناس، جرت على يد أولياء الله عز وجل؛ إثباتاً لكرامتهم.
البراء بن مالك كان إذا أقسم على الله تعالى أبره، وكانت الحرب إذا اشتدت قال المسلمون للبراء: يا براء! أقسم على ربك، فيقول: يا رب! أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم، وأن تجعلني أول الشهداء في هذه المعركة، فمكنهم الله تعالى من أكتاف أعدائهم، وكان البراء أول شهيد في المعركة.
رجل مستجاب الدعوة.
وخالد بن الوليد لما حاصر حصناً منيعاً فأمرهم أن يسلموا أنفسهم، فقالوا: يا خالد! لا نسلم لك إلا بشرط.
قال: هاتوا ما عندكم، قالوا: أن تشرب هذا السم، فشربه خالد، فلم يضر، فلما رأوا ذلك سلموا وهم يظنون أن السم سيعمل فيه عمله وأنه يموت ويتخلصون من سيف الله المسلول.
وسعد بن أبي وقاص كان مستجاب الدعوة، وما دعا قط دعوة إلا استجاب الله عز وجل له، وكان عمر يبجله، وكان عبد الله بن مسعود يبجله، وهما أعظم منه إيماناً وعلماً وعملاً وفضلاً، ومع هذا كان عمر بن الخطاب يهابه إذا رفع يديه إلى السماء، وكان له دين عند عبد الله بن مسعود، فلما ذهب ليتقاضاه قال: أمهلنا.
قال: إما أن تدفع وإما دعوت عليك، ورفع يديه إلى السماء، فتعلق بهما عبد الله بن مسعود؛ لعلمه أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا لـ سعد أن يكون مستجاب الدعوة، وهو يقول: يا سعد! إذا دعوت علينا فلا تلعن، وهذا إثبات لخصيصة سعد بن أبي وقاص أنه كان مستجاب الدعوة، فكان إذا دعا في جيش نصره الله، وإذا دعا على جيش هزمه الله كرامة من الله عز وجل.
عمر بن الخطاب لما أرسل جيشاً أمر عليهم رجلاً اسمه سارية، فلما حاصرهم العدو وكادوا ينهزمون وهم بأرض العراق، وعمر بالمدينة رضي الله عنه يخطب للجمعة -ألهم الله عمر إلهاماً وحدث حديثاً من الله عز وجل، أن سارية هناك بالعراق يكاد يهزم، وكأن الله تعالى أطلع عمر على وضع سارية وجيشه، فصاح عمر من على المنبر: يا سارية! الجبل الجبل، أي: الزم الجبل، يا سارية! واجعل الجبل قبل ظهرك، والعدو من أمامك، فلما سمع سارية -وهو بالعراق- صوت عمر رضي الله عنه -وهو بالمدينة- فعل ما سمع فنصره الله عز وجل.
وجاء رسول عمر إلى سارية، فقال سارية: لقد سمعنا كذا وكذا، فامتثلنا ذلك وفعلناه، فنصرنا الله عز وجل، قال: أشهد أني كنت مع عمر في المسجد وهو يفعل ذلك، وهو يصيح بأعلى صوته ويقول: يا سارية!