أورد الجاحظ " زعيم البيان العربى " - كما يقول عنه الشيخ عبد السلام هارون - هذا الموقف الساخر في كتابه
" الحيوان " فقال:
" قال دعبل الشاعر: أقمنا عند سهل بن هارون فلم نبرح حتى كدنا نموت من الجوع , فلما اضطررناه قال: يا غلام , ويلك غدنا! قال: فأتينا بقصعة فيها مرق فيه لحم ديك عاس هرم ليس قبلها ولا بعدها لا تحز فيه السكين , ولا تؤثر فيه الاضراس , فاطلع في القصعة وقلب بصره فيها ثم أخذ قطعة خبز يابس فقلب جميع ما في القصعة , حتى فقد الرأس من الديك وحده, فبقى مطرقا ساعة ثم رفع رأسه إلى الغلام فقال: أين الرأس؟ فقال رميت به , قال ولم رميت به؟ قال: لم أظنك تأكله! قال: ولأى شىء ظننت أنى لا آكله؟ فوالله انى لأمقت من يرمى برجليه فكيف من يرمى برأسه؟! ثم قال: لو لم أكره ما صنعت الا للطّيرة والفأل لكرهته! .. الرأس رئيس وفيه الحواس , ومنه يصدح الديك , ولولا صوته ما أريد , وفيه فرقه الذي يتبرك به , وعينه التي يضرب بها المثل , يقال: " شراب كعين الديك " ودماغه عجيب لوجع الكلية ولم أر عظما قط أهش تحت الأسنان