وبعد أن قطعنا شوطا في التعرف على معالم الطريق وعقباته .. وبعد أن تعلمنا كيف يكون العبور على الجسور , آن لنا أن نأخذ قسطا من الراحة .. فالمسافر إلى الله تعالى لابد له من الاستجمام ليستعين به على اتمام المسير , وإكمال الشوط لتتمالنفرة ويتنشط البدن ويتروح القلب .. فيكون ذلك تقوية للانطلاق في قطع مرحلة تالية.
اذا فلابد للمسافر من وقفات على الطريق .. وقفات ترويحية على جنبات الطريق , يستروح فيها إلى بعض المباحات من لهو ومزاح وانبساط , وما يتبع ذلك من لين القول والتبسم وانشراح الصدر , وكل ما يؤدى من مباح إلى تطييب النفس ومؤانستها فهو سنة مستحبة.
يقول ابن القيم - عليه رحمة الله - في " زاد المعاد ":
" وكانت سيرته صلى الله عليه وسلم مع أزواجه حسن المعاشرة , وحسن الخلق , وكان يسرب إلى عائشة بنات الانصار يلعبن معها. وكان اذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه , وكانت اذا شربت من الاناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب , وكان اذا تعرقت عرقا - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها , وكان يتكىء في حجرها ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها , وربما كانت حائضا , وكان يأمرها وهى حائض فتتزر ثم يباشرها , وكان يقبلها وهو صائم , وكان من لطفه وحسن