نعم: لابد لك - أيها الحبيب السائر إلى الله - من رفقة وصحبة في هذا الطريق .. لابد لك من مجموعة تأنس بها , لتذهب عنك وحشة التفرد وتصحح لك الأخطاء , وتوضح لك عقبات الطريق.
وإذا كانت الرفقة مهمة ومطلوبة في سفر الدنيا , فكيف بأسفار الاخرة التي يكون فيها المؤمن أشد حاجة إلى المعين الصالح والمشارك الموافق الذي يكون مع شريكه كاليدين تغسل إحداهما الأخرى فالزم الركب - أيها الحبيب - فللركب خيرية.
" وان لرفقاء درب الاخرة خصائص ومواصفات لابد منها، فرفقاء الطريق إلى الله تعالى هم الذين علت هممهم وصفت نياتهم وصح سلوكهم حتى سبقوا الناس وتركوا السكون , وتزاحموا على ركوب القافلة ركضا إلى الله تعالى وتسارعا إلى مرضاته " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى" (طه:84) , فلم يوقف لهم على رسم , ولم يلتزموا باسم ولم ينتظروا أن يشار اليهم بالاصابع أو ترفع لهم الاعلام فقد علت منهم الهمة التي لا تقف دونها حركة السفر , ولا يرضى صاحبها بغير الخالق عوضا , كما صفا منهم القصد الخالص من الشوائب حتى لا تعوق عن المقصود , وكان منهم التجرد التام للمعبود , وعلامة أخرى لرفقاء الطريق هؤلاء الا وهى صحة السلوك السالم من الافات والعوائق والقواطع والحجب ".