والشواهد التي ذكرها ابن جني، ليدل بها على معنى المطرد والشاذ. وكما نقل السيوطي عن ابن جني معنى المطرد ومعنى الشاذ نقل عنه أيضًا تقسيم الاطراد والشذوذ أربعة أضرب، وهي: مطرد في القياس والاستعمال معًا، ومطرد في القياس شاذ في الاستعمال، ومطرد في الاستعمال شاذ في القياس، وشاذ في القياس والاستعمال معًا.

والحق أن ابن جني فيما ذكره من تقسيم الاطراد والشذوذ كان متأثرًا بشيخه أبي علي الفارسي؛ إذ أفرد في كتابه (المسائل العسكرية) بابًا لمعرفة ما كان شاذًّا في كلامهم، لكنه ذكر فيه أن الشَّاذّ في العربية على ثلاثة أضرب: شاذ عن الاستعمال مطرد في القياس، ومطرد في الاستعمال شاذ عن القياس، وشاذ عنهما.

ولم يذكر أبو علي ما كان مطردًا في القياس والاستعمال معًا؛ لأنه جعل الباب خاصًّا بما كان شاذ في كلامهم، ولأن المطرد في القياس والاستعمال هو الأصل والغالب. والمراد بالقياس: ما ذكره أهل الصناعة النحوية، والمراد بالاستعمال: ما ورد عن العرب الموثوق بعربيتهم وفصاحتهم.

تقسيم المطرد والشاذ: أما القسم الأول منه وهو المطرد في القياس والاستعمال معًا، فهو الغاية المطلوبة والنهاية المرغوب فيها من علم العربية؛ لأنها توافق ما سُمع عن العرب، كما توافق قياس علماء العربية الذي بُني على السماع كرفع الفاعل ونصب المفعول، وجر المضاف إليه، ونحو ذلك، فإن ورد في كلام العرب ما خالف القياس والسماع؛ حُكم بإهدار ذلك المسموع لضعفه كقول العرب: "خرق الثوب المسمار" برفع المفعول ونصب الفاعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015