أمنوا والذين هادوا من آمن منهم ... إلى آخره والصابئون كذلك، أو أنه مرفوع عطفًا على محل اسم إن؛ لأنه قبل دخولها كان مرفوعًا بالابتداء، فلما دخلت عليه لم تغيّر معناه، بل أكدته.
إذا أطلق لفظ الحديث الشريف في اصطلاح المحدثين أُريد به ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، وقد يُراد به ما أضيف إلى صحابي أو تابعي. ولكن الغالب أن يقيد إذا ما أريد به غير النبي -صلى الله عليه وسلم.
أما الحديث الشريف عند النحاة: فهو قول الرسول الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- وإنما يهتمّ النحويون بالقول؛ لأنه موضوع النحو، ومنبع استدلالهم، ومرجع أحكامهم، وكذلك الأقوال المنسوبة إلى الصحابة أو التابعين متى جاءت من طريق المحدثين تأخذ حكم الأقوال المرفوعة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جهة الاحتجاج بها في إثبات لفظ لغوي، أو قاعدة نحوية.
وقضية الاحتجاج بالحديث الشريف من القضايا المهمّة في النحو العربي، وقد انقسم النحاة فيها إلى مانعين ومُجيزين، ومتوسطين. ومن اللافت للنظر أن أكثر النحاة اهتمامًا بهذه القضية من الأقسام الثلاثة هم ممَّن ينتمون إلى المدرسة الأندلسية، فأوَّل من رفع لواء منع الاستشهاد بالحديث في مجال الدراسات النحوية -فيما نعلم- هو ابن الضائع، وهو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الإشبيلي الكتامي المتوفى سنة ثمانين وستمائة من الهجرة، ثم تلميذه من بعده أبو حيان محمد أثير الدين بن يوسف الغرناطي المتوفى سنة خمس وأربعين وسبعمائة من الهجرة، الذي كان على مذهب أستاذه ابن الضائع في منع الاستشهاد بالحديث.