المروي عن عائشة -رضي الله عنها- فيمكن أن يجاب عن إنكارها بأنه قد حصل قبل أن يبلغها التواتر، وليس كل صاحبيٍّ كان حافظًا لروايات القرآن الكريم.
وأما خلاصة التوجيهات النحوية للآيات القرآنية الثلاث التي سُئلت عنها عائشة -رضي الله عنها- فنوجزها فيما يلي: أما قراءة قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (طه: 63) فأقوى توجيهاتها أنها جاءت على لغة بلحرث بن كعب، وقبائل أُخر، وهم الذين يُلزمون المثنى الألف كالمقصور في أحواله الثلاث، ويقدرون إعرابه بالحركات وهي لغة مشهورة، أو أن يقال: اسم إن ضمير الشأن محذوفًا، والجملة من المبتدأ والخبر بعده في محل رفع خبرًا لإن، والتقدير: إن الأمر والشأن هذان لهما ساحران.
وأما قوله تعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} من قوله -عز وجل-: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء: 162) وهي قراءة الجمهور، فأحسن ما قيل في توجيهها: أن {الْمُقِيمِ ينَ} منصوب على القطع المفيد للمدح؛ لبيان فضل الصلاة، فهو مفعول به لفعل محذوف تقديره: أمدح المقيمين الصلاة. وعليه يكون قوله: {الرَّاس ِخُونَ} مبتدأ خبره جملة: {يُؤْمِنُون} ومتعلقاتها حتى يكون القطع بعد تمام الجملة الأولى. وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (المائدة: 69) فقوله {وَال صَّابِئُونَ} بالرفع هي قراءة الجمهور أيضًا، وأظهر ما قيل في توجيهها: أنه مرفوع بالابتداء وخبره محذوف لدلالة خبر إن عليه، والنية به التأخير عما في حيز إن من اسمها وخبرها، والتقدير: إن الذين