وعملها فيه، وسُليم تفتحها، ويجوز تسكينها بعد الواو والفاء وثم، وتسكينها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها؛ لشدة اتصالهما بما بعدهما، لكونهما على حرف واحد، فصارا معه ككلمة واحدة، فخفف بحذف الكسر كما خفّف نحو كَتِف وفَخِذ بتسكين الوسط المحرك بالكسر، وذلك نحو قوله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186) قالوا: وكسر لام الأمر بعد ثم أكثر من تسكينها؛ لكون ثم على ثلاثة أحرف، وإنما جاز تسكينها بعدها؛ حملًا لها على الواو والفاء، فلا تبلغ مبلغهما، وخالف في ذلك المبرد؛ فمنع تسكينها بعد "ثم"، وذكر أن قراءة "ثم ليقطع" بتسكين اللام لحن، وممن أجاز التسكين ابن مالك محتجًا بالقراءة المذكورة، وقال في نظم (الكافية):
واللام قد تسكن بعد الفا وثم ... والواو نحو من يكارم فليدم
قال السيوطي: "فإن قلت: فقد روي عن عثمان أنه قال لما عرضت عليه المصاحف: إن فيه لحنًا ستقيمه العرب بألسنتها، وعن عروة قال: "سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (طه: 63) وعن قوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (النساء: 162) وعن قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} (المائدة: 69) فقالت: يا ابن أختي هذا عمل الكُتاب أخطئوا في الكتاب"، أخرجه أبو عبيد في فضائله، فكيف يستقيم الاستدلال بكل ما فيه بعد هذا، قلت: معاذ الله كيف يظن أولًا بالصحابة أنهم يلحنون في الكلام؛ فضلًا عن القرآن وهم الفصحاء اللُّدّ -أي: الذين رسخت أقدامهم في الفصاحة، وثبت لهم الوصف الكامل فيها- ثم كيف يظن بهم ثانيًا في القرآن الذي تلقوه من النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أنزل، وضبطوه، وحفظوه، وأتقنوه، ثم كيف يُظن بهم ثالثًا اجتماعهم كلهم على الخطأ، وكتابته، ثم كيف يظن بهم رابعًا عدم تنبُّهِهِم ورجوعهم عنه، ثم كيف يظن بعثمان أن يقرأه ولا يغيره، ثم