وإليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصم. قال عنه ابن الجزري: "كان إمامًا، حجةً، ثقةً، ثبتًا، رضًا، قيمًا بكتاب الله، بصيرًا بالفرائض، عارفًا بالعربية، حافظًا للحديث، عابدًا، خاشعًا، زاهدًا، ورعًا، قانتًا لله عديم النظير". وقال أبو حنيفة لحمزة: "شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما القرآن والفرائض". توفي -رحمه الله- سنة ست وخمسين ومائة من الهجرة.
وابن عامر هو عبد الله بن عامر اليحصبي أو اليحصبي -بضم الصاد وكسرها- أحد القُرَّاء السبعة، وإمام أهل الشام في القراءة قيل عنه: كان إمامًا عالمًا ثقة فيما آتاه، حافظًا لما رواه، متقنًا لما وعاه، عارفًا فَهِمًا قيمًا فيما جاء به، صادقًا فيما نقله من أفاضل المسلمين وخيار التابعين وأجلة الراوين، لا يُتهم في دينه، ولا يُشك في يقينه، ولا يُطعن عليه في روايته، صحيح نقله، فصيح قوله، عاليًا في قدره، مصيبًا في أمره، مشهورًا في علمه، مرجوعًا إلى فهمه لم يتعدَّ فيما ذهب إليه الأثر، ولم يقل قولًا يُخالف فيه الخبر، توفي -رحمه الله- سنة ثماني عشرة ومائة من الهجرة.
والذين ذكرهم السيوطي ممن حكم بعض النحاة المتقدمين على قراءتهم باللحن هم قليل من كثير، فقد لحَّنوا نافع بن أبي نعيم قارئ مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأحد القُرَّاء السبعة، وابن كثير وهو إمام أهل مكة، وأحد القُرَّاء السبعة وغيرهم وغيرهم. وقد أشار السيوطي إلى أن تلحين هؤلاء القُرَّاء كان بسبب قراءات لهم بعيدة في العربية، أي: بسبب قراءات قد خفي توجيهها على هؤلاء النحاة الذين حكموا عليها باللحن ونسبوها إلى الخطأ. إما لأنها كانت صادرة عن لهجات عربية لم تبلغهم، أو لكونها تُخالف ما كانوا يحتكمون إليه من قواعد، وما يتعارفون عليه من قوانين، وما يتوصلون إليه من أقيسة.