واجبان، ولا يقدح فيهما ما وَرَد عكسه شذوذًا في قولهم: خرق الثوب المسمار، وكثر الزجاج الحجر برفع المفعول ونصب الفاعل؛ لأن الشاذ يُحفظ ولا يُقاس عليه.
ومن الأحكام الواجبة بالنسبة للفاعل أيضًا: تأخيره عن الفعل، فلا يجوز تقديم الفاعل عن الفعل؛ لأن الفاعل تنزل منزلة الجزء من الفعل، ولذلك وجدناهم يسكنون لام الفعل الماضي إذ اتصل به ضمير من ضمائر الرفع المتحركة، وهي: تاء الفاعل، ونا الفاعلين، ونون النسوة مثل: أنا فهمت، ونحن فهمنا، وهنَّ فهمنَ؛ فالفعل الماضي الذي يستحق البناء على الفتح في الأصل سُكّن آخره؛ كراهة تتابع أربعة متحركات فيما يُعدُّ كالكلمة الواحدة، ولولا أنهم نزلوا ضمير الفاعل من الفعل هذه المنزلة ما تغيَّرت علامة بناء الفعل. ووجدناهم كذلك يجعلون ثبوت النون في الأفعال الخمسة علامة للرفع، وحذفها علامة للنصب والجزم؛ لأنهم جعلوا الضمائر الثلاثة التي تتصل بالفعل المضارع -وهي ألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة- بمنزلة جزء من هذه الأفعال فيقولون: هما يفهمان، وأنتما تفهمان، وهم يفهمون، وأنتم تفهمون، وأنت تفهمين، وعند إعراب ذلك نقول: إن كل ضمير من الثلاثة وقع فاعلًا، وإن الفعل مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، فنجد علامة الرفع تقع بعد الضمير، ومن المعروف أن العلامة الإعرابية تكون في آخر الكلمة المعربة، ومعنى هذا أن الضمائر الثلاثة عُدَّت جزءً من الفعل؛ فوقعت العلامة الإعرابية بعدها.
ومن أمثلة الأحكام النحوية الواجبة أيضًا: جرُّ المضاف إليه، لأنه لما كانت الإضافة على معنى حرف من أحرف الجر الثلاثة -اللام، أو من، أو في- وحُذف حرف الجر قام المضاف مقامه؛ فعمل في المضاف إليه الجر كما يعمل حرف الجر، وذلك نحو: سرَّني علم خالد، أي: علم لخالد، وهذا خاتم فضة،