بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث
(تقسيم الحكم النحوي)
الحمد لله والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالحكم النحوي ينقسم إلى: واجب، وممنوع، وحسن، وقبيح، وخلاف الأولى، وجائز على السواء. فالأقسام ستة.
فأما الحكم الواجب: فكرفع الفاعل ونصب المفعول، أما رفع الفاعل؛ فلأنه عمدة إذ لا يستغنى عنه، والرفع لأنه أشرف علامات الإعراب جُعل علامة على العمد، ولكونه عمدة في الكلام جعل له الضمة أو ما ناب عنها، والضمة أقوى الحركات، وأما نصب المفعول فالغرض إظهار الفرق بينه وبين الفاعل، ولم يعكسوا؛ لأن الفعل له فاعل واحد، وقد يكون له مفعولات كثيرة، فمنه من يتعدى إلى مفعول واحد، ومنه ما يتعدى إلى مفعولين، ومنه ما يتعدى إلى ثلاثة، وربما يتعدى إلى أكثر من ذلك، كتعديه أيضًا إلى ظرف الزمان، وإلى ظرف المكان، وإلى المفعول لأجله، وإلى الحال ... إلى آخره، والرفع أثقل والفتح أخف، فأعطوا الأقل الأثقل، والأكثر الأخف؛ ليكون ثقل الرفع موازيًا لقلة الفاعل، وتكون خفة النصب موازيةً لكثرة المفعول.
والمراد بالفاعل: الفاعل الاصطلاحي، وهو كل اسم، أو ما في تأويله ذكرته بعد فعل، أو ما في تأويله، وأسندت ذلك الفعل أو ما في تأويله إليه؛ فلا يرد فاعل الصفة المشبهة، واسم الفاعل والمصدر، واسم المصدر، فإن فاعل هذه الأسماء العاملة عمل الفعل يجوز جرُّه بإضافته إليها نحو قولك: زيد حسن الوجه، وأصله: حسنٌ وجهه، وعمرو قادم الأبي، وأصله: قادم أبوه، وآلمني ضرب زيد عمرو، أي: أن يضرب زيد عمرو، وأحب عطاءك المعروف، أي: أن تعطي المعروف، فهذان الحكمان النحويان بالنسبة للفاعل والمفعول حكمان