أي: من فضة، وقوله تعالى: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} (البقرة: 226) أي: في أربعة أشهر.
ومن الأحكام النحوية الواجبة كذلك: تنكير الحال والتمييز، أما وجوب تنكير الحال فلأنها تجري مجرى الصفة للمصدر، فإذا قلت: جاء فلان راكبًا. دلَّ على مجيء موصوف بركوب، والمصدر نكرة، فكذلك وصفه وجب أن يكون نكرة، ولأن الغالب أيضًا كونها مشتقة مع كون صاحبها معرفة؛ فالتزم تنكيرها لئلا يُتوهَّم كونها نعتًا إذا كان صاحبها منصوبًا نحو: أحببت عمرًا قارئًا، وحمل غير المنصوب على المنصوب، أما وجوب كون التمييز نكرة فلأنه يُشبه الحال، وذلك أن كل واحد منهما يُذكر للبيان ورفع الإبهام، فهو يُبيّن ما قبله كما أن الحال كذلك، فلما أشبه الحال أُعطي حكمها في وجوب التنكير.
كما أن شرط التمييز أن يكون نكرة جنسًا مقدرًا بمن؛ لأنه واحد في معنى الجمع، فأنت إذا قلت: عندي عشرين درهمًا. معناه أن عندك عشرين من الدراهم، فقد دخله بهذا المعنى الاشتراك بين الدلالة على الإفراد والجمع، وما كان كذلك كان نكرة والممنوع كأضداد ذلك، فيمنع أن تنصب الفاعل إلا ما سُمع شاذًّا كما سبق بيانه، أو أن تجره بحرف أصلي. وأما قول جمهور البصريين: إن نحو قولنا في التعجب: أحسن بزيد. مثلًا الباء داخلة فيه على الفاعل، فإنهم يفسرون ذلك بأن الباء حرف جرّ غير أصلي، وما بعدها فاعل مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وأن أصل التركيب في هذا ونحوه: أحسن زيد أي: صار ذا حسن؛ فالهمزة الداخلة على الفعل تسمى همزة الصّيرورة كقولهم أغدّ البعير، أي: صار ذا غدة، والغدة هي طاعون الإبل؛ فالصيغة في الأصل كانت خبرية ماضوية، ثم غُيّرت إلى إنشاء التعجب، فغيرت الصيغة إلى الأمرية أي: إلى أحسن زيد؛ فقبح إسناد صيغة الأمر إلى