شمسة، وقدرة، ودارة، ولا يجوز أن تجمع بالواو والنون؛ فلا يقال: شمسون، ولا قدرون، ولا دارون؛ لأن هذا الباب سماعي يقتصر فيه على ما ورد ولا يتعداه إلى غيره.

كما نلحظ أن الاستحسان لا يكون إلا عن دليل؛ لأن فيه عدولًا عن القياس ولا يعدل عن القياس إلا بدليل؛ ولذلك نعى الأنباري على من أجاز الاستحسان بلا دليل، وذكر أن القائل بذلك لا يلتفت إلى قوله ولا يعوَّل عليه، وأن ما حكي عن بعضهم من أن الاستحسان هو ما يستحسنه الإنسان من غير دليل فليس عليه تعويل.

وبعد أن عرضنا مذهبي العلماء في الاستحسان نشير إلى أن ابن جني كان ممن يأخذون به وقد أفرد له في (الخصائص) بابًا عنوانه: باب في الاستحسان، وبيَّن ابن جني في مقدمة هذا الباب أن علة الاستحسان ضعيفة غير مستحكمة إلا أن فيه ضربًا من الاتساع والتصرف، ومع ضعف علته؛ فإن ابن جني ساق كثيرًا من الأمثلة مستدلًّا عليها بالاستحسان؛ وعليه اعتمد السيوطي فنقل في كتابه (الاقتراح) بعض هذه الأمثلة وأعرض عن بعض؛ كما نقل مثالًا عن صاحب (البديع).

ونحن نذكر هنا جميع ما نقله السيوطي في (الاقتراح) ثم نتبعه بمثال مما ذكره ابن جني في (الخصائص) ولم يذكره السيوطي:

المثال الأول: ترك الأخف إلى الأثقل من غير ضرورة؛ كقلب الياء واوًا في نحو: الفتوى، والتقوى؛ فإن الأصل فيهما وفي نحوهما: أن يكون بالياء بأن يقال: فتيا، وتقيا؛ لأن الكلمة الأولى من فتى يفتي، والثانية من وقى يقي؛ ولكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015