ولا عبرة بخلافه؛ لأن إجماع النحويين معتبر -كما سبق أن ذكرنا في مبحثه- فهو كإجماع الفقهاء، وإجماع المحدثين؛ وكل علم اجتمع أربابه على مسألة منه فإجماعهم حجة ومخالفهم مخطئ، كما قال العلامة الشاطبي.

والثاني: أن نشير إلى أن انحصار الكلمة في الاسم والفعل والحرف ليس الموضع الوحيد الذي استدل فيه العلماء بدليل الاستقراء؛ بل هناك مواضع متعددة استدل العلماء فيها بدليل الاستقراء، وإلى هذا أشار السيوطي بقوله: استدلوا به في مواضع ... انتهى.

ونكتفي بأن نشير هنا إلى موضعين من هذه المواضع وهما:

الموضع الأول: الدليل على انحصار العلم المنقول، أي: غير المرتجل:

فمن المعلوم أن العلم المنقول هو الذي نقل عن غيره مما لم يكن علمًا في الأصل، أي: أنه لم يوضع في الأصل على العلمية؛ فهو الذي كان مستعملًا قبل العلمية في أمر آخر؛ فله أصل مستعمل ثم سمي به الشخص؛ ككلمة "زيد"؛ فهي في الأصل مصدر الفعل زاد، وقد نُقل عن هذا المصدر وجُعل علمًا على الذات المشخصة المسماة به، فيقال له في هذه الحالة: إنه علم منقول.

وقد ذكر السيوطي في كتابه (الأشباه والنظائر) نقلًا عن صاحب (البسيط) أن العلم المنقول ينحصر في ثلاثة عشر نوعًا، ولا دليل على حصره -كما ذكر- سوى استقراء كلام العرب.

والموضع الثاني: وهو الدليل على معنى السين وسوف:

فمن المقرر في علم العربية أن السين وسوف حرفا تنفيس تدخلان على الفعل المضارع فتخلصانه للاستقبال، وقد كان قبل دخول أحدهما عليه صالحًا للحال وللاستقبال، وقد ذكر السيوطي في (الأشباه والنظائر) أيضًا -نقلًا عن ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015