من الأدلة غير الغالبة في أصول النحو، وقد اتخذه العلماء دليلًا في مواضع، ذكر منها السيوطي في (الاقتراح) موضعًا واحدًا لا غير، وهو: انحصار الكلمة في ثلاثة أنواع، وهي: الاسم، والفعل، والحرف.

وقد استدل العلماء على هذا الحصر بأدلة متعددة منها الأثر المروي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين قال لأبي الأسود الدؤلي: "الكلام كله اسم، وفعل، وحرف، جاء لمعنى"، ومنها الدليل العقلي، وبيانه: أن الكلمة إما أن تدل على معنًى في نفسها أو في غيرها؛ فإن دلت على معنى في نفسها ولم تقترن بزمن فهي الاسم؛ وإن اقترنت بزمن فهي الفعل؛ وإن دلت على معنى في غيرها فهي الحرف.

ومن الدليل العقلي على انحصار الكلمة في هذه الأنواع الثلاثة: أن هذه الأنواع يعبر بها المتخاطبون عن جميع ما يخطر في أنفسهم من المعاني؛ فلو كان هناك نوع رابع لبقي في النفوس معانٍ لا يمكن التعبير عنها بإزاء هذا النوع الساقط.

ومع كثرة الأدلة التي تدل على انحصار الكلمة في هذه الأنواع الثلاثة؛ فقد ذهب بعض العلماء إلى أن أحسن أدلة الحصر هو الاستقراء؛ لأن علماء العربية قد تتبعوا كلام العرب في محاوراتهم ومخاطباتهم؛ فلم يجدوا إلا هذه الأنواع الثلاثة، ولو كان هناك نوع رابع لعثروا على شيء منه؛ فلما لم يعثروا إلا على هذه الأنواع بعد تتبع كان الاستقراء هو دليل الحصر، وقد قال ابن الخباز -المتوفى سنة تسع وثلاثين وستمائة من الهجرة- وهو -أي: الاستقراء- أحسن دلائل الحصر.

ونختم الحديث بأمرين:

الأول: أن نشير إلى أن انحسار الكلمة في هذه الأنواع الثلاثة -الاسم، والفعل، والحرف- كان موضع إجماع النحاة، وخرق هذا الإجماع أبو جعفر بن صابر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015