فالأول: إبقاؤها على ما كانت عليه من الإعمال، وهو قليل في لسان العرب.

والثاني: إهمالها، وهو الأكثر.

ولكل وجهة هو موليها؛ فوجه بقاء الإعمال هو أنها عملت لأنها أشبهت الفعل، وتخفيفها لا يزيل شبهها بالفعل؛ لأن التخفيف حذف، والحذف عارض، والأصل هو الإثبات؛ فالمحذوف كأنه لم يحذف، ووجه الإهمال هو الذي أشار إليه الأنباري إذ ذكر: أنه يجوز لمن أهملها أن يستدل على صحة رأيه ببيان العلة؛ فيقول: إن العلة التي من أجلها عملت "إنَّ" هو شبهها بالفعل في المبنى والمعنى -كما سبق- وقد عدم الشبه بالتخفيف؛ إذ لم يبقَ مبناها كمبنى الفعل؛ فوجب انتفاء إعمالها لانتفاء العلة، وبذلك يكون بيان العلة دليلًا ينتفي به حكم من الأحكام: وهو إعمال "إنْ" المخففة عمل "إنَّ" المثقلة.

الاستدلال بالاستقراء

إن الدليل الثالث من الأدلة غير الغالبة عند السيوطي هو الاستدلال بعدم الدليل في الشيء على نفيه؛ أما الاستدلال بالاستقراء فهو الدليل السابع من الأدلة غير الغالبة عند السيوطي؛ ولكنا آثرنا تقديمه على الاستدلال بعدم الدليل لأنهما ضدان؛ فما ثبت بالاستقراء فقد ثبت بالإيجاب؛ وما ثبت بعدم الدليل فقد ثبت بالنفي؛ فأردنا أن نذكرهما متتاليين، وأن نبدأ الحديث عن الاستدلال بالاستقراء:

فنقول: إن الاستقراء في اللغة هو مصدر الفعل استقرى بمعنى: تتبع، يقال: قروت البلاد قروًا، وقريتها قريًا، واقتريتها واستقريتها، أي: تتبعتها، أخرج من أرض إلى أرض، والمراد بالاستقراء هنا: تتبع الجزئيات لإثبات أمر كلي، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015