بينهما في الحركات والسكنات والأصول والزيادة؛ إلا أن الفعل أحد أحرف المضارعة، والأول من اسم الفاعل هو الميم المضمومة، واسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي لا يعمل؛ لأنك إذا قلت: "هذا ضاربٌ زيدًا أمس"، كان في معنى "ضرب" وليس مثله في اللفظ لا في الحركات ولا في السكنات ولا في عدد الحروف.
وأما الوجه الثاني: وهو الاستدلال بنفي العلة على نفي الحكم؛ فمثاله: أن يستدل من أبطل عمل "إنْ" المخففة من الثقيلة؛ فيقول: إنَّما عملت "إنَّ" الثقيلة لشبهها بالفعل، وقد عدم هذا الشبه بالتخفيف؛ فوجب ألا تعمل.
ولتوضيح هذا المثال الذي ذكره الأنباري نقول: إن "إنَّ" المثقلة من الأحرف الناسخة التي تنصب المبتدأ اسمًا لها وترفع الخبر خبرًا لها، ولا خلاف بين النحويين في إعمالها وهي مثقلة، وقد ذكر النحويون أن علة إعمال "إنَّ" وأخواتها: شبهها بالفعل من جهتي اللفظ والمعنى، وأن أهم أوجه الشبه: أنها موضوعة على ثلاثة أحرف كما أن أغلب الأفعال كذلك، وأنها مبنية على الفتح كما أن الفعل الماضي كذلك، وأنها تلزم الدخول على الأسماء كما أن الأفعال كذلك، وأنها تدخل عليها نون الوقاية مثل: إنني، وكأنني، ولكنني ... إلى آخره، والفعل كذلك، تقول: أفهمني، وعلمني ... إلى آخره، وأنها يتصل بها المضمر المنصوب ويتعلق بها كتعلقه بالفعل؛ تقول: إنه، وإنها، وإنك، وإنني، كما تقول: أكرمته، وأكرمتها، وأكرمتك، وأكرمتني، وأن فيها معاني الأفعال؛ فمعنى "إنَّ" و"أنَّ": حققت، ومعنى "كأنَّ": شبهت، ومعنى: "لكنَّ": استدركت، ومعنى "ليت": تمنيت، ومعنى "لعل": ترجيت؛ فإذا خففت جاز فيها وجهان: