أحد الشيئين شكًّا أو إبهامًا أو تخييرًا أو إباحةً، ولا يجوز أن تدل "أو" على معنى آخر إلا بدليل؛ فلا يجوز أن تكون بمعنى "بل" -كما زعم الفراء- ولا أن تكون بمعنى الواو -كما زعم قطرب.

وقد رد ابن جني زعمهما وبين أن "أو" على بابها في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (الصافات: 147) فقال: فأما قول الله سبحانه: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} فلا يكون في "أو" على مذهب الفراء بمعنى "بل" ولا على مذهب قطرب في أنها بمعنى الواو؛ لكنها عندنا على بابها في كونها شكًّا، وذلك أن هذا كلام خرج عن حكاية من الله -عز وجل- لقول المخلوقين، وتأويله عند أهل النظر: وأرسلناه إلى جمع لو رأيتموه لقلتم أنتم فيهم: هؤلاء مائة ألف أو يزيدون. انتهى.

ومع استدلال بعض السابقين من النحويين بهذا الأصل لم نجد أحدًا قبل الأنباري عرَّفه أو سمَّاه، وأول من فعل ذلك من النحويين هو أبو البركات في كتابيه: (الإغراب في جدل الإعراب)، و (لمع الأدلة) وعنهما نقل السيوطي في كتابه (الاقتراح).

قال الأنباري في (لمع الأدلة): "وهو -أي: الاستصحاب- من الأدلة المعتبرة، والمراد به: استصحاب حال الأصل في الأسماء -وهو الإعراب- واستصحاب حال الأصل في الأفعال -وهو البناء- حتى يوجد في الأسماء ما يوجب البناء ويوجد في الأفعال ما يوجب الإعراب". انتهى.

وقوله: "من الأدلة المعتبرة" معناه: أنه دليل من أدلة النحو التي يعتد بها ويعول عليها، والمثال الذي ذكره الأنباري ونقله عنه السيوطي هو: حكم الاسم والفعل من حيث الإعراب والبناء؛ فإن الأصل في الاسم أن يكون معربًا؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015