والثالثة: وقوع الإعراب بعده في الأمثلة الخمسة؛ فنقول: الطلاب يجتهدون، ولم يقصروا ولن يقصروا؛ فواو الجماعة في الأفعال الثلاثة المذكورة ضمير رفع؛ لأنها فاعل، والفعل الأول مرفوع بثبوت النون، والثاني مجزوم بحذفها، والثالث منصوب بحذفها كذلك؛ فإعراب الثلاثة وقع بعد الضمير، ومن المعلوم أن الإعراب إنما يكون في أواخر الكلم؛ مما يدل على أن الضمير المرفوع عد كالجزء من الفعل وكأن آخر الفعل ما بعده.
والرابعة: اتصال تاء التأنيث بالفعل إذا كان الفاعل أو نائبه مؤنثًا.
والخامسة: قول العرب في النسب إلى كنت: كُنتيٌّ؛ فاعتبروا كان واسمها وهو ضمير مرفوع متصل كلمة واحدة؛ فألحقوا بآخرها علامة النسب، وهي: الياء المشددة؛ كقول الشاعر:
فأصبحت كنتيًّا وأصبحت عاجنا ... وشر خصال المرء كنت وعاجن
فقوله: "كنتيٌّ" معناه: أن يقول: كنت أفعل في شبابي كذا، وكنت في حداثتي أصنع كذا، والعاجن: هو الذي أسن فلا يستطيع القيام إلا إذا اعتمد على يديه من شدة ضعفه؛ فأجروا ضمير الرفع مجرى الدال من "زيد"، وكأنهم نبهوا بهذا على قوة اتصال الفعل بهذا الضمير المتصل به؛ وأنهما قد حلَّا جميعًا محل الجزء الواحد.
والسادسة: قولهم "حبذا" من نحو: حبذا زيدٌ، يعني أنهم ركبوا "حب" وهو فعل، مع اسم الإشارة "ذا"؛ فصار بمنزلة اسم واحد حكم على موضعه بالرفع على الابتداء، وهو ظاهر مذهب الخليل وسيبويه -كما في (الكتاب)، وقد تغلب على المركب في هذا القول جانب الاسمية.
والسابعة: قولهم: لا أحبذه، أي: لا أقول له مادحًا إياه: حبذا؛ فلا نافية، وأحبذ فعل مضارع فاعله ضمير مستتر تقديره أنا، والهاء مفعوله، وقد تغلب على المركب في هذا القول جانب الفعلية.