والعسلان مصدر: عسل الماء عسلًا وعسولًا وعسلانًا، أي: تحرك واضطرب، والرتكان مصدر: رتك البعير رتكًا وتكانًا أي: عدى في مقاربة خطو. فإذا تركنا ما ذكره الخليل من تعبير العرب بالأفعال التي تحكي صوت ما توهموه من استطالة ومدّ، أو ترجيع وتقطيع، وانتقالنا إلى المصادر التي تجيء على وزن واحد، وهو وزن "فعلان" رأيناها تدور حول معنًى واحد هو: زعزعة البدن واهتزازه في ارتفاع، كما ذكر سيبويه.
نوع آخر من المصادر، وهو: مصادر الأفعال الرباعية والمضاعفة التي يتكرَّر فيها حرفان، فنجدها لمعانٍ فيها تكرير، وذلك مثل: الزعزعة، وهي التحريك، وهي مصدر زعزع الشيء -أي: حركه- ومثلها: القلقلة وزنًا ومعنى، والصلصلة مصدر صلصل الشيء أي: صوت صوتًا فيه ترجيع كالجرس، والحلي، والرعد، والصعصعة مصدر صعصع الرجل: خاف واضطرب، وجلب وصاح، وصعصع القوم أي: أفزعهم وفرّقهم، والجرجرة مصدر جرجر البعير أي: ردَّد صوته في حنجوره عند الضجر، والقرقرة مصدر قرقر بطنه أي: صوَّت من جوع أو غيره؛ فجعلوا الوزن المكرر للمعنى المكرر.
ونجد أيضًا وزن "الفعلى" المتوالية المتتابعة الحركات في المصادر والصفات إنما يأتي لمعنى السرعة نحو: الجمذى، يقال: جمذى الفرس ونحوه جمذًا وجمذى: سار سيرًا قريبًا من العدو، والبَشَكى، يقال: ناقة بشكى، وامرأة بشكى: سريعة خفيفة، والولقى يستعمل مصدرًا وصفة يقال: ولق يلق أي: أسرع، والولقى عدوٌ للناقة فيه شدَّة، والناقة السريعة؛ فجعلوا الوزن الذي توالت حركاته للأفعال التي توالت الحركات فيها لكمال المناسبة بين الألفاظ والمعاني.
ووصل ابن جني عرض الأمثلة، فذكر أن من ذلك أيضًا باب استفعل الذي جعلوه في أكثر الأمر للدلالة على الطلب؛ لما فيه من تقدم حروف زائدة على