أولها: أن الاسم استحق الإعراب بالأصالة والفعل استحق العمل بالأصالة؛ فلما أُعرب الفعل المضارع دخل فيما يستحقه الاسم -وهو الإعراب- فأعمل اسم الفاعل ليدخل فيما يستحقه الفعل -وهو العمل- ولذلك قال سيبويه في (الكتاب): "فكل واحد منهما داخل على صاحبه". انتهى.
وثانيها: أن اسم الفاعل يجري مجرى الفعل المضارع في حركاته وسكناته.
وثالثها: أن اسم الفاعل يثنى ويجمع كما أن الفعل تلحقه علامة التثنية والجمع.
ومعنى هذا: أن اسم الفاعل فرع عن الفعل في العمل، وهو -مع ذلك- أصل للصفة المشبهة؛ فالصفة المشبهة هي التي أشبهت اسم الفاعل في العمل؛ فهي فرع عن فرع عن أصل؛ يقول سيبويه في (الكتاب): "هذا باب الصفة المشبهة بالفاعل فيما عملت فيه ولم تقوَ أن تعمل عمل الفاعل؛ لأنها ليست في معنى الفعل المضارع". انتهى.
وإنما كانت الصفة المشبهة فرعًا عن اسم الفاعل لا عن الفعل؛ لبعدها عن الفعل؛ فإنها للثبوت والاستمرار والدوام؛ فتخالف شأن الفعل الذي هو للتجدد والحدوث.
والمثال الثاني: "لا" العاملة عمل "ليس": تعمل "لا" عمل "ليس"؛ فترفع المبتدأ اسمًا لها وتنصب الخبر خبرًا لها بشروط، وهي: أن يكون الاسم والخبر نكرتين، وألا يتقدم خبرها على اسمها، وألا ينتقض النفي بـ"إلا"، والأصل في العمل أن يكون لـ"ليس"؛ وإنما أعملت "لا" عمل "ليس" حملًا عليها؛ لأنها تشبهها في النفي والجمود، وكما كانت "لا" فرعًا في العمل؛ فإن "لات" فرع عن "لا"؛ لأن "لات" لما كانت مقرونة بحرف التأنيث صارت فرعًا لـ"لا" المجردة عنه.