أحدهما: أنه يجوز القياس على الأصل المختلف فيه؛ لأن المختلف فيه إذا قام الدليل عليه صار بمنزلة المتفق عليه.
والآخر: أنه لا يجوز القياس عليه؛ قال -رحمه الله-: "اعلم أن العلماء اختلفوا في ذلك؛ فذهب قوم إلى أنه جائز، وتمسكوا في الدلالة على جواز ذلك: بأن الأصل المختلف فيه إذا قام الدليل عليه صار بمنزلة المتفق عليه، وذهب قوم إلى أنه لا يجوز، وتمسكوا في الدلالة على أنه لا يجوز بأنه لو جاز القياس على المختلف فيه لأدى ذلك إلى محال؛ وذلك لأن المختلف فيه فرع لغيره؛ فكيف يكون أصلًا والفرع ضد الأصل؟! ". انتهى.
وواضح مما سبق أمران:
أحدهما: أن الأنباري ذكر حجة كل فريق من الفريقين، وقد نقل ذلك كله السيوطي في (الاقتراح).
والآخر: أن الأنباري والسيوطي يذهبان مذهب القائلين بأنه يجوز القياس على الأصل المختلف فيه، ودليل ذلك أمور ثلاثة:
الأول: أنهما قدما هذا المذهب على غيره.
والثاني: أنهما ردَّا على حجة القائلين بالمنع؛ فإن حجة هؤلاء المانعين هي أن المختلف فيه فرع لغيره؛ فكيف يستقيم أن يكون فرعًا وأن يقاس عليه بعد ذلك فيكون أصلًا؟!.
وقد رد الأنباري -ووافقه السيوطي-: بأنه يجوز أن يكون الشيء فرعًا لأصل وأصلًا لشيء آخر، وهذان مثالان على ذلك:
المثال الأول: اسم الفاعل، فاسم الفاعل فرع عن الفعل في العمل؛ لأن الأصل للعمل أن يكون للأفعال؛ بدليل أن الأفعال كلها عمل؛ وإنما اعمل اسم الفاعل عمل الفاعل لأمور متعددة: