فمن النظر في هذين المثالين اللذين ساقهما الأنباري ونقلهما عنه السيوطي يمكن القول بأن الشيء يكون فرعًا لشيء وأصلًا لشيء آخر؛ ولذلك قال السيوطي: لا تناقض في ذلك لاختلاف الجهة، أي: لا تناقض في كون الشيء الواحد يتصف بالأصالة والفرعية لاختلاف الجهة؛ وإنما يقع التناقض أن يكون فرعًا من الوجه الذي يكون منه أصلًا، وأما من وجهين مختلفين؛ فلا تناقض في ذلك كما قال الأنباري.
وإذا ثبت أنه يجوز اتصاف الشيء بالأصالة والفرعية؛ ثبت أنه يجوز القياس على الأصل المختلف فيه، وهو رأي فريق من العلماء، وقد اختاره الأنباري والسيوطي.
هذا؛ وقد ذكر الأنباري والسيوطي مثالًا يمكن أن يستدل به على أنه يجوز القياس على الأصل المختلف فيه، وهو أن يقال: إن "إلا" هي عامل النصب في المستثنى؛ لأنه حرف قام مقام فعل يعمل النصب، وهو الفعل "أستثني"، أو "أُخرِج" ... أو نحو ذلك؛ فعمل النصب؛ كما أن حرف النداء "يا" قد عمل النصب في المنادى؛ لقيامه مقام الفعل: "أدعو" أو "أنادي".
ووجه الاستدلال بهذا المثال: أن كون حرف النداء هو عامل النصب في المنادى أمر مختلف فيه، وليس هذا القول موضع اتفاق بين النحويين؛ ومع كونه موضع خلاف بينهم؛ فإنه يجوز عده أصلًا يقاس عليه غيره؛ فيقال: إن "إلا" الاستثنائية هي عامل النصب في المستثنى الواقع بعدها؛ فجاز القياس على الأصل المختلف فيه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.