وقال ابن جني أيضًا في (الخصائص): وهذا المعنى عينه قد استعمله النحويون في صناعتهم؛ فشبهوا الأصل بالفرع في المعنى الذي أفاده ذلك الفرع من الأصل، وأعاد ابن جني ذكر حمل "الحسن الوجه" على "الضارب الرجل" مع كون الجر في "الحسن الوجه" هو الأصل، وابن جني يشير فيما تقدم إلى عبارة سيبويه في (الكتاب) في باب الصفة المشبهة، بعد ذكره: أنك كما تقول: الضاربُ زيدًا تقول: هو الحسنُ الوجهَ، أي بنصب معمول الصفة المشبهة المقترنة بـ"أل" إذا كان المعمول معرفة على التشبيه بالمفعول به.

قال: وقد يجوز في هذا أن تقول: هو الحسنُ الوجهِ على قوله: هو الضارب الرجل؛ فالجر في هذا الباب من وجهين: من الباب الذي هو له وهو الإضافة، ومن إعمال الفعل ثم يستخف فيضاف. انتهى.

ومعنى ما ذكره سيبويه وابن جني: أن الأصل في قولنا: هذا الحسنُ الوجهِ: جر "الوجه"، والأصل في قولنا: هذا الضاربُ الرجلَ: نصب الرجل، إلا أن كلًّا منهما قد حمل على صاحبه؛ فجاز في "الحسن الوجهِ" أن يكون منصوبًا حملًا على "الضارب الرجلَ" وجاز في "الضارب الرجلَ" أن يكون مجرورًا حملًا على "الحسن الوجهِ"؛ وإنما جاز الأمران لأن العرب إذا شبهت شيئًا بشيء فحملته على حكمه؛ عادت أيضًا فحملت الآخر على حكم صاحبه تثبيتًا لهما وتتميمًا لمعنى الشبه بينهما وتمكينًا لهما وإظهارًا لأثر المماثلة بين المشبه والمشبه به.

والأمثلة على ذلك متعددة، وقد ذكر السيوطي لنا ستة أمثلة نوردها بحسب ترتيب ورودها في (الاقتراح) وهي:

المثال الأول: تشبيه الفعل المضارع باسم الفاعل، وتشبيه اسم الفاعل بالفعل المضارع. وبيان ذلك: أنه سمي الفعل المضارع مضارعًا لأنه ضارع اسم الفاعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015