الماضي على المضارع إن أريد بالمضارع معنى الماضي أو بالماضي معنى المستقبل؛ وأما إذا اختلف زمانهما فلا يجوز عطف أحدهما على الآخر، وقد ذهب أبو حيان إلى أن هذا من حمل الأصل وهو العطف على الفرع وهو التثنية؛ وإنما كان العطف هو الأصل لأن المثنى يغني عن المتعاطفين.

وذكر أبو حيان ما يشير إلى أنه يمكن ألا تكون هذه المسألة من باب حمل الفرع على الأصل إذا قيل: إن العطف في الفعل نظير التثنية في الاسم -أي: لعدم قبول الفعل للتثنية.

ونختم الحديث بمثال سابع ذكره السيوطي نقلًا عن ابن جني وجعله في مقدمة الأمثلة التي يستدل بها على حمل الأصل على الفرع، وقد أرجأناه لما يمتاز به من شرح وبيان بذكر أشباه له ونظائر، وهذا المثال ذكره ابن جني في (الخصائص)؛ فأوضح أن سيبويه أجاز في جر "الوجه" من قولك: هذا الحسنُ الوجهِ، أن يكون من موضعين: أحدهما بإضافة الحسن إليه، والآخر تشبيهه بالضارب الرجل، مع أنه من المعلوم أن الجر في الرجل من قولك: هذا الضاربُ الرجلِ؛ إنما جاءه وأتاه من جهة تشبيههم إياه بالحسن الوجه؛ لكن لما اطَّرد الجر في نحو: هذا الضاربُ الرجلِ والشاتمُ الغلامِ، صار كأنه أصل في بابه حتى دعا ذلك سيبويه إلى أن عاد فشبه "الحسن الوجه" بـ"الضارب الرجل" من الجهة التي إنما صحت للضارب الرجل تشبيهًا بالحسن الوجه.

وهذا يدلك على تمكن الفروع عندهم؛ حتى إن أصولها التي أعطتها حكمًا من أحكامها قد حارت -أي: رجعت- فاستعادت من فروعها ما كانت هي أدته إليها، وجعلته عطية منها لها، وجعل ابن جني ذلك من حملهم الأصل على الفرع فيما كان الفرع قد أفاده من الأصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015