-أي: شابهه، كما سبق أن ذكرنا- ولما كان الفعل المضارع شبيهًا باسم الفاعل خالف بقية الأفعال وأعرب، والأصل في الأفعال البناء، وعكس العرب الأمر؛ فشبهوا اسم الفاعل بالفعل في الدلالة على التجدد والحدوث، وأعملوه عمل الفعل تتميمًا للمشابهة بينهما.

والمثال الثاني: تشبيه الوقف بالوصل وتشبيه الوصل بالوقف؛ فإذا كانت الكلمة مختومة بتاء؛ فإن الأصل إبقاء التاء عند الوصل وإبدالها هاء عند الوقف، وهي اللغة الفصحى، وبعض العرب يقف على التاء وسمع بعضهم يقول: يا أهل سورة البقرتْ، فقال بعض من سمعه: والله ما أحفظ منها آيتْ؛ فكان الوقف بالتاء.

كما يكون الوصل بالتاء: ومن ذلك قولهم -عليه السلام والرحمتْ، بالتاء من غير إبدالها هاء، وقول الراجز: الله نجاك بكفي مسلمتْ، أي: مسلمة. ولما فعلوا ذلك عكسوا الأمر؛ فشبهوا الوصل بالوقف فقالوا: سبسبا وكلكلا، بلا تنوين والأصل تنوينه؛ ولكنهم شبهوه بالوقف، والسبسب: هو المفازة أو الأرض المستوية البعيدة، والكلكل: هو الصدر.

والمثال الثالث: إجراء غير اللازم مجرى اللازم، وإجراء اللازم مجرى غيره؛ فمن إجراء غير اللازم مجرى اللازم: تسكين الهاء من الضمير "هي" بعد همزة الاستفهام في قول الفرزدق:

فقمت للضيف مرتاعًا فأرقني ... فقلت أهْيَ سرت أم عادني حلم

فقد قل سكون الهاء من الضمير بعد همزة الاستفهام؛ ولكن الشاعر أجرى السكون غير اللازم مجرى اللازم فنطق به، ومن ذلك قول الآخر:

ومن يتَّقْفَ إن الله معه ... ورزق الله مؤتاب وغادي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015