والمثال الثالث من أمثلة هذا النوع من الحمل كذلك: حمل الاسم على الفعل في منع الصرف، وقد ذكر السيوطي هذا المثال نقلًا عن ابن جني، ومعناه: أن الاسم أصل والفعل فرع عنه؛ وإنما كان الاسم هو الأصل والفعل هو الفرع؛ لأن الفعل مشتق ومأخوذ من أحد أنواع الاسم -وهو المصدر- ومع كون الاسم أصلًا للفعل؛ فقد حمل الأصل -وهو الاسم- على الفرع -وهو الفعل- فمُنع الاسم من الصرف عند مشابهته للفعل في وجود علتين: إحداهما راجعة إلى اللفظ، والأخرى راجعة إلى المعنى، أو عند وجود علة واحدة تقوم مقام العلتين؛ فلما حُمل الاسم على الفعل كان ذلك من حمل الأصل على الفرع.
والمثال الرابع من أمثلة هذا النوع من الحمل أيضًا: حمل الاسم على الحرف في البناء، فمعلوم أن مرتبة الحرف دون مرتبة الاسم؛ لأن الحروف موضوع للربط بين الاسم والفعل، ومع كون الاسم أصلًا والحرف فرعًا حُمل الاسم على الحرف؛ فبني عند قيام الشبه بين الاسم والحرف.
والمثال الخامس من أمثلة هذا النوع من الحمل كذلك: حمل الفعل على الحرف في عدم التصرف، ومثاله الذي ذكره ابن جني ونقله السيوطي عنه هو حمل "ليس" و"عسى" في عدم التصرف على "ما" و"لعل" كما حملت "ما" على "ليس" في العمل؛ فإن "ليس" و"عسى" فعلان على الرأي الراجح، وقد منعا التصرف أي: لا يصاغ منهما غير الماضي؛ فلا يبنى من "ليس" مضارع ولا اسم باتفاق النحويين كما لا يبنى من "عسى" مضارع ولا اسم على الرأي الأصح؛ وإنما منعا التصرف حملًا لـ"ليس" على "ما" لأنهما بمعنى واحد وهو النفي وحملًا "لعسى" على "لعل"؛ لأنهما بمعنى الترجي.
والمثال السادس من أمثلته أيضًا: حمل العطف على التثنية، فالعطف أصل والتثنية فرع، ويشترط في عطف الفعل على الفعل: اتحاد الزمان، وإن اختلفت الصيغ؛ فيجوز عطف