أولهما: أنه ليس حمل الاسم المبني لشبه الحرف على الحرف في البناء بأولى من حمل الحرف لشبه الاسم على الاسم في الإعراب، يعني: أنكم تقولون: إن الاسم بني لشبهه بالحرف؛ فجعلتم الحرف هو الأصل في البناء وحملتم عليه الاسم بحكم ما أوردتموه من أوجه الشبه، ومع إقراركم بوجود هذه الأوجه بينهما لم تكملوا المعادلة ليكون الحرف معرَبًا حملًا له على الأصل في الإعراب وهو الاسم بحكم الشبه؛ لمنافاة ذلك للواقع اللغوي؛ فقياسكم إذًا غير مطرد.
والمثال الثاني: ليس منع الاسم من الصرف -أي: من التنوين- حملًا له على الفعل لشبهه به بأولى من تنوين الفعل حملًا له على الاسم بحكم هذا الشبه؛ ومع ذلك لا ينون الفعل مما يدل على بطلان قياسكم الاسم على الفعل.
والوجه الثاني من الاعتراضات على القياس: أنه إذا كان القياس حمل الشيء على الشيء بضرب من الشبه؛ فما من شيء يشبه شيئًا من وجه إلا يفارقه من وجه آخر؛ فإن كان وجه المشابهة يوجب الجمع -يعني: يوجب الجمع بين المقيس والمقيس عليه في الحكم ومد حكم المقيس عليه إلى المقيس- فوجه المفارقة يوجب المنع -أي: يوجب منع مد الحكم من المقيس عليه إلى المقيس- وليس مراعاة ما يوجب الجمع لوجود المشابهة بأولى من مراعاة ما يوجب المنع لوجود المفارقة.
ومن أمثلة ذلك: ما لم يسمَّ فاعله؛ فإنه وإن أشبه الفاعل من وجه فقد خالفه وفارقه من وجه آخر فإن كان وجه المشابهة يوجب القياس -أي: قياس ما لم يسمَّ فاعله على الفاعل في الأحكام التي كانت للفاعل- فإن وجه المفارقة يوجب منع القياس.
والوجه الثالث من الاعتراضات: أنهم قالوا: لو كان القياس جائزًا؛ لكان ذلك يؤدي إلى اختلاف الأحكام؛ لأن الفرع قد يأخذ شبهًا من أصلين مختلفين إذا حُمل على كل واحد