لا نقليًّا -أي: لا مقتصرًا فيه على التراكيب المنقولة عن العرب- لتعذر ذلك بخلاف اللغة -يعني: مفردات الألفاظ- فإنها وضعت وضعًا نقليًّا لا عقليًّا، أي: ولذلك قال ابن فارس اللغوي: وليس لنا اليوم أن نخترع، ولا أن نقول غير ما قالوه، ولا أن نقيس قياسًا لم يقيسوه؛ لأن في ذلك فساد اللغة وبطلان حقائقها. انتهى.

ومن ثم لا يجوز القياس في اللغة؛ بل يقتصر على ما ورد به النقل؛ ألا ترى أن القارورة -وهي: وعاء من الزجاج تحفظ فيه السوائل- سمي بذلك لاستقرار الشيء فيها، ولا يسمى كل مستقر فيه قارورة؛ وكذلك سميت الدار دارًا لاستدارتها، ولا يسمى كل مستدير دارًا.

وختم الأنباري هذا الرد بقوله: فلو قلنا إن النحو ثبت نقلًا لا قياسًا وعقلًا؛ لأدى ذلك إلى رفع الفرق بين اللغة والنحو، وإلى التسوية بين المقيس والمنقول، وذلك مخالف للعقول. انتهى.

حلُّ شُبَهٍ تُوردُ على القياس

ذكر أبو البركات الأنباري تحت هذا العنوان في الفصل الثاني عشر من (لمع الأدلة) ثلاث شبه واعتراضات لإمكان ورودها من المنكر للقياس، وأتبعها بذكر الجواب عليها، وقد صدر هذا الفصل بقوله: اعلم أن لمنكر القياس أن يقول: الاعتراض على ما ذكرتموه من القياس من ثلاثة أوجه:

أما مضمون الوجه الأول من الاعتراضات أو الشبه في ضوء ما ذكره أبو البركات الأنباري: فهو لو جاز حمل الشيء على الشيء بحكم الشبه -يعني: كما هو مقتضى القياس- لما كان حمل أحدهما على الآخر بأولى من صاحبه.

ومثل لذلك بمثالين يتضح من خلالهما مفهوم هذا الاعتراض:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015