وقبل أن نتابع السيوطي في استطراده للرد على من أنكر القياس نورد تفسيرًا لمصطلحات بعض العلوم والألفاظ المنقولة عن (المستوفى) مع التنبيه على أن السيوطي متصرف في النقل عنه:

فالهيئة: هي علم يعرف به أحوال الكواكب وجريانها ومنازلها، وعلم التقدير: هو العلم المعروف الآن بالهندسة، والرصد: هو تتبع حركات الكواكب، والاختلاس: هو الإتيان بحركة هاء الغائب كاملة من غير صلة -أي: من غير إشباع- إجراءً للوصل مجرى الوقف للضرورة الشعرية، ومن أمثلته قول مالك بن خريم الهمداني:

فإنْ يكُ غَثًّا أو سَمينا فإنَّنِي ... سَأَجعَلُ عيْنَيْهي لنفسهِ مقْنَعَا

أراد: "لنفسهي"؛ فحذف الياء ضرورة في الوصل تشبيهًا لها بها في الوقف عليها إذا قال: لنفسه، والشاعر في بيته وصف ضيفًا؛ فيقول: إنه يقدم إليه ما عنده من القراءة ويحكمه فيه ليختار أفضل ما تقع عليه عيناه؛ فيقنع بذلك.

أما الحرف الصاعد العالي فكفتحة "دعا"، والمنحدر السافل فككسرة "يرمي"، والمتوسط بينهما فكالمختلس كحرف الهاء في البيت السابق.

الردُّ على من أنكرَ القياس

اعتمد السيوطي في هذا الرد على ما ذكره أبو البركات الأنباري في كتابه (لمع الأدلة)، ومجمل هذا الرد أنه لا سبيل إلى إنكار القياس في النحو؛ لأن النحو كله قياس؛ كما تجلى في تعريف أبي علي الفارسي له ومن بعده تعريف ابن عصفور وغيرهما، بأن النحو: علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب؛ فمن أنكر القياس في النحو فقد أنكر النحو كله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015