مما ذكراه -يعني: مما ذكره ابن جني والأنباري- أربعة، وقد عقدت لها أربعة كتب". انتهى.
وقد استبعد السيوطي وقوع هذا الإجماع من العرب؛ فقال: أنى لنا بالوقوف عليه.
ومعنى ما قاله السيوطي: أن حصول إجماع العرب والظفر به شيء مستبعد؛ لا يوصل إليه إلا بمشقة عظيمة.
ومن صور إجماع العرب: ما يعرف بالإجماع السكوتي، وهو الذي عرفه السيوطي بقوله: أن يتكلم العربي بشيء ويبلغهم ويسكتون عليه، أي: وهم يسكتون عليه. انتهى.
ففي سكوت العرب عما بلغهم إجماع منهم على جوازه، وهو الإجماع المعروف عند الفقهاء بالإجماع السكوتي، وقد عده كثير من الفقهاء معتبرًا كالإجماع القولي، وقد أراد السيوطي -رحمه الله- إثبات الإجماع السكوتي في اللغة؛ فنقل عن ابن مالك قوله في (شرح التسهيل): "استدل على جواز توسيط خبر "ما" الحجازية ونصبه بقوله الفرزدق:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
ورد المانعون بأن الفرزدق تميمي تكلم بهذا معتقدًا جوازه عند الحجازيين؛ فلم يصب.
ويجاب: بأن الفرزدق كان له أضداد من الحجازيين والتميميين، ومن مناهم أن يظفروا له بزلة يشنعون بها عليه؛ مبادرين لتخطئته، ولو جرى شيء من ذلك لنقل؛ لتوافر الدواعي على التحدث بمثل ذلك إذا اتفق؛ ففي عدم نقل ذلك عنه دليل على إجماع أضداد الحجازيين والتميميين على تصويب قوله". انتهى كلام ابن مالك.