أجمع النحويون على وجوب التطابق بين عطف البيان ومتبوعه، وقد أشار المتأخرون -ومنهم ابن مالك والمرادي- إلى هذا الإجماع؛ فقالوا: لا خلاف في موافقة عطف البيان متبوعه في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، ويتوافقان أيضًا في التعريف والتنكير، وتخالفُهُما في التعريف والتنكير ممتنع.
وقد خرق الزمخشري إجماع النحويين؛ فأجاز أن يكون عطف البيان معرفة ومتبوعه نكرة، وخرج عليه قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} (آل عمران: 97)، فقال في (الكشاف): {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} عطف بيان لقوله: {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} ولم يرتضِ جمهور النحويين ما ذهب إليه الزمخشري، ووصفوه بمخالفة الإجماع والسهو والغلط، وبأنه لا يُلتفَت إليه.
سبق أن أشرنا إلى أن الإجماع في اصطلاح النحويين يراد به أحد أمرين:
أحدهما: إجماع النحاة من البصريين والكوفيين، وقد سبق الحديث عنه.
والآخر: إجماع العرب.
وإذا كان الخلاف قد وقع بين العلماء في حجية إجماع النحاة؛ فإنه ليس بين العلماء خلاف في حجية إجماع العرب؛ فإجماعهم حجة عند الجميع؛ لأن الله تعالى صان ألسنتهم عن الخطأ في التعبير وصانهم عن الإقرار على الخطأ والتغيير.
يقول السيوطي: وإجماع العرب أيضًا حجة".
وقوله: "أيضًا" معناه: أنه يرى أن إجماع النحويين حجة خلافًا لمن أسقطه من أدلة الاحتجاج، ويدل على أن هذا هو رأيه قوله في أول (الاقتراح): "وقد تحصل