ومراده بالإلواء بالنص: المخالفة بالنص عن جهته وقصده، وإذا كان الإجماع عند ابن جني يجوز خرقه ومخالفته؛ فإن هناك رأيًا آخر، وهو: أن إجماع النحاة حجة ولا تجوز مخالفته.

وقد سبق إلى القول بهذا الرأي أبو العباس المبرد؛ فقد ذكر في (المقتضب): أنه لا يجوز أن يقال: جاءني الغلامُ زيدٍ، بالإضافة؛ وكذلك لا يجوز: هذه الدارُ عبدِ الله، ولا: أخذتُ الثوبَ زيدٍ.

وقد بين علة امتناع ذلك بقوله: وقد أجمع النحويون على أن هذا لا يجوز، وإجماعهم حجة على من خالفه منهم، واختار المتأخرون ما ذهب إليه المبرد؛ فعدوا الإجماع أصلًا من أصول النحو المعتبرة، ولم يجيزوا خرقه أو مخالفته أو الخروج عليه؛ ولذلك قال السيوطي بعد أن نقل كلام ابن جني: وقال غيره: إجماع النحاة على الأمور اللغوية معتبر؛ خلافًا لمن تردد فيه، وخرقه ممنوع ومن ثم رد. انتهى.

فقوله: "وقال غيره" يعني به: غير ابن جني؛ للذي تقدم من أن ابن جني يجيز خرق الإجماع ومخالفته.

وقوله: "إجماع النحاة" يقصد به نحاة البصرة والكوفة؛ لأنهم هم المعنيون في باب الإجماع.

وقوله: "معتبر" أي: معمول به لا يجوز لأحد خرقه ولا عبرة بمن تردد فيه.

وقد أحسن الشاطبي -رحمه الله- حين قال في (المقاصد الشافية شرح الخلاصة الكافية): "ومخالفة إجماع النحويين كمخالفة إجماع الفقهاء وإجماع الأصوليين وإجماع المحدثين، وكل علم اجتمع أربابه على مسألة منه فإجماعهم حجة ومخالفهم مخطئ". انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015