وقد ذكر السيوطي في كتابه (المزهر) أمثلة للمرسل منها ما في (الجمهرة) لابن دريد يقال: "فسأت الثوب أفسأه فسأً أي: مدته حتى تفزر، أي: تشقق". وأخبر الأصمعي عن يونس قال: "رآني أعرابي محتبيًا بطيلسان، والطيلسان: هو ضرب من الأوشحة يُلبس على الكتب، أو يحيط بالبدن، وهو خالٍ عن التفصيل والخياطة. فقال: علام تفسؤه؟ " والشاهد في هذا المثال: أن ابن دريد لم يدرك الأصمعي؛ لأن ابن دريد قد وُلد سنة ثلاثة وعشرين ومائتين، والأصمعي قد توفي سنة ست عشرة أو خمس عشرة ومائتين، فبينهما راوٍ أو أكثر.
أما المجهول فقد عرفه بقوله: "والمجهول هو الذي لم يُعرف ناقله نحو: أن يقول أبو بكر الأنباري حدثني رجل عن ابن الأعرابي، ولم يذكر اسم هذا الرجل، وقد جمع الأنباري بين المرسل والمجهول، وحكم عليهما بحكم واحد، وهو الرّدّ وعدم القبول، فقال: وكل واحد من المرسل والمجهول غير مقبول، وإنما لم يقبل الأنباري المرسل والمجهول للشرط الذي اشترطه من قبل، من وجوب العدالة في قبول النقل، وانقطاع السند، وكذلك الجهل بالناقل يُفهم منهما عدم معرفة حقيقة الناقل إن كان عدلًا، أو غير عدل، ولأن العدالة شرط في قبول النقل؛ فقد رفض الأنباري المرسل والمجهول. وقال: وكل واحد من المرسل والمجهول غير مقبول؛ لأن العدالة شرط في قبول النقل. والجهل بالنقل وانقطاع سند الناقل يُوجبان الجهل بالعدالة، فإن من لم يذكر اسمه، أو ذكر اسمه ولم يعرف؛ لم تعرف عدالته، فلا يقبل نقله".
وما ذكره الأنباري هو أحد رأيين في المسألة، وفيها رأي آخر وهو قبول المرسل والمجهول، فقد أجازهما قوم محتجِّين بأن المرسل لو صدر عن عالم اتصل سنده؛ لوجب قبوله، وكذلك المجهول لو صدر عن عالم لا يُتهم في نقله لوجب قبوله أيضًا، ومعنى هذا الكلام أن من قبل المرسل والمجهول قد حملهما على المتصل