سادساً: عموم الشريعة وبقاؤها واستمرارها.
الإسلام بما يحمله من تشريعات ونُظُم عامّ للبشر جميعاً، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}.
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}.
وهذه الشريعة قائمة، لا ينسخها دِين ولا تتوقّف أحكامها ولا تتعطّل حدودها إلى قيام الساعة.
وعموم الشريعة وبقاؤها واستمرارها يستلزم عقلاً: أن تكون أحكامها على نحوٍ من الشمول والإحاطة بما يُحقِّق مصالح البشر في كل زمان ومكان،؛ فهي تقوم على جلب المصالح ودرء المفاسد. فمصالح العباد تقوم على أمور ضرورية، أو حاجيّة، أو تحسينيّة.
فالأمور الضرورية التي لا قيام للإنسان إلا بها، وإذا انعدمت حلّ الفساد وعمت الفوضى وهي: حِفْظ الدِّين، والنفس، والعقل، والعِرض، والمال.
والحاجيات هي التي يحتاج إليها الناس ليعيشوا بيُسر وسعادة، وإذا فاتَتْهم لم يختلّ نظام الحياة، ولكن يصيب الناسَ ضيقٌ وحرج.
وأمّا التحسينات فهي ترجع إلى محاسن العادات، ومكارم الأخلاق، وإذا فاتت لم يختلّ نظام الحياة، ولا يصيب الناسَ حرج، ولكن يخرجون عن النهج القويم، ويتمرّدون على ما تُوجبه الفِطرة النّقيّة.
فالشريعة جاءت أحكامُها لتحقيق وحفظ الضروريات والحاجيات والتسحينات.
فالدِّين شَرع لإقامته العبادات، وشَرع لحِفْظه الجهاد والعقوبات.
والنفس شُرع لإيجادها النكاح، وشُرع لحفْظها القصاص على من يعتدي عليها، وتحريم إلقاء النفس في التهلكة، ولزوم دفع الضرر عنها.