ثالثاً: الإنسانية أمام أحكام الشريعة سواء، فهي تطبّق الأحكام، وتنفّذ الشرائع، وتقيم الحدود، على أعلى الناس وأدناهم، وأفقرهم وأغناهم، ولا تمييز في إقامة دين الله وشرائعه بين جنس أو لون أو إنسان؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

قال -صلى الله عليه وسلم-: ((يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإنّ أباكم واحد. ألا لا فضْلَ لعربيّ على أعجميّ، ولا لأعجميّ على عربيّ، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى))، رواه البيهقي.

والدليل على تلك المساواة المطلَقة: قضيّة المرأة من بني مخزوم التي سرقت، فجاء أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- يشفع لها عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟))، ثم قال -عليه السلام-: ((إنما أهلَك من كان قبلكم: أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ ترَكوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدّ. وأيْمُ الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها)).

رابعاً: أحكام الشريعة لها هيبةٌ في القلوب واحترامٌ في نفوس المؤمنين، يتقبّلونها طواعية ويقيمونها عن رغبة صادقة، لأنها صادرة عن الله ورسوله. أمّا قوانين البشر الوضعية، فيُضرب بها عرض الحائط، ويُتحايل عليها، وتَفقد احترام وهيبة الناس لها.

خامساً: من خصائص الشريعة الإسلامية: أنّ ثوابها وجزاءها في الدنيا والآخِرة، بخلاف الأحكام الوضعية فجزاؤها يتوقّف على الدنيا فقط، ممّا يجعل الناس يستهينون بها ويتهرّبون من تنفيذها. وبعض العقوبات تسقط بمُضيّ المدّة، بخلاف أحكام الشريعة فإنّ من يتهرّب منها في الدنيا يجد الجزاء والعقوبة له بالمرصاد في الآخِرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015