طمعاً في متاع الدّنيا من مالٍ وجاه، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
ويلحق بهؤلاء نفَر من بعض أبناء المسلمين الذين يتطوّعون لإصدار الفتاوى التي تتناقض وأصول العقيدة، وتتعارض مع ثوابت الشريعة، ويلتقطون الأدلّة الواهية والآراء الضعيفة التي تساند ما يدعون إليه من إفْك وبهتان، قال تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وإنّ أخطر شيء على الأمّة: أن يستشرى الكذبُ وينتشر النفاق فيها، وأن يكون هناك انفصامٌ وانفصالٌ بين ما يُكنّه القلب وما تُضمره النفس، وبين ما تلوي به الألسنة من كذب، وما تلوكه الأفواه من كلام عارٍ عن الصّدق بعيد عن الحقيقة؛ قال تعالى كاشفاً طوايا نفوس المتخلِّفين عن الجهاد بلا عذر: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}.
ولأهمّية صدْق اللسان، والتحذير من التّحدّث بالكذب، تتابعت أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- تُحذِّر من فلتات اللسان، وتُنذر من خطورته على الدِّين والفرد والمجتمع، وتوجب على كلّ إنسانٍ أن يصون لسانه عن جميع الكلام إلاّ ما كان فيه المصلحة.
يقول الإمام النووي -رحمه الله-: "ومتى استوى الكلام وتَرْكه في المصلحة، فالسُّنّة الإمساك عنه، لأنه قد ينجرُّ الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة بين الناس. والسلامة لا يَعْدلها شيء".