3 - إذا وُجِدت النِّيات الجازمات، ولم يقف دون تنفيذ الأعمال إلاّ عقبات أو أعذارٌ خارجة عن إرادة الإنسان، فإنّ مناط المسؤولية حينئذٍ هو النّيات وحْدها، ويجري الحساب عليها كما لو تمّ تنفيذ الأعمال التي تقتضيها. والدليل على ذلك: ما رواه الإمام البخاري عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا مَرِض العبْد أو سافَر، كُتب له بمِثْل ما كان يعمل مُقيماً صحيحاً)).
وروى الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنّا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزاة، فقال: ((وإنّ بالمدينة لَرجالاً ما سِرْتُم مسيراً ولا قطعْتُم وادياً إلاّ كانوا معكم، حَبَسَهم المرض))، وفي رواية ((إلاّ شركوكم في الأجْر)).
4 - إذا وُجدت النّيات الجازمات، ولكن لم يتمّ التنفيذ للأعمال التي تقتضيها بسبب يرجع إلى الإنسان نفسه، فإن سيّئاتها لا تُكتب عليه، ويتجاوز الله عنها. فإذا كان ذلك خوفاً من الله وابتغاء مرضاته، فإن الله يكتب له بذلك حسنة. وأمّا حسناتها فتُكتب له في صحيفة على مقدارها دون مضاعفة بخلاف ما لو فعَلها؛ فإنها تُضاعف له أضعافاً، فضلاً من الله وكرَماً.
5 - الخواطر والوساوس معفوٌ عنها، ولا تدخل في حدود العمل المراد ما لم تصِلْ إلى مستوى النّيّة المقترنة بالإرادة الجازمة. ولكن قد يُثاب الإنسان على خواطر الخير إذا كانت ثمرة توجّهه وإرادته؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله تجاوز عن أمّتي ما وسوسَتْ به صدورُها، ما لم تَعملْ به أو تَتَكلّم))، رواه الشيخان.
6 - الهمّ بالعمل إذا كان هماً بفعْل حسَنة فالله يُثيب عليه من غير مضاعفة، إذا لم يتمّ تنفيذه، ومع المضاعفة الكثيرة إذا تمّ تنفيذه. وإذا كان هم