بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
(من أخلاق الدعاة إلى الله)
1 - مِن صفاتِ الدّعاة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه، ومَن دعا بدعوته إلى يوم الدِّين. أما بعد:
الدّعوة إلى الله على بصيرة.
ومِن الصّفات التي ينبغي أن يتحلّى بها الدّعاة إلى الله، وأن تكون مِن مُقوِّمات شخصيّتهم هي: الدّعوة إلى الله على بصيرة.
فإنّ من خصائص دعوة الإسلام: أنّ عقائده وتشريعاته جليّة واضحة وضوح الشمس في الأفق، نقيّة بيضاء كنقاء اللّبن، صافية كصفاء السماء، ليس في عقائده لَبس يُحيِّر العقول، ولا طلاسم وألغاز تتيه بين ضبابها النفوس، ولا أمور غامضة يقِف القلب حيالها تائهاً حيراناً، كما هو الحال في الأديان والنِّحل والفلسفات الأخرى التي تُجبر أصحابَها على اعتناقها دون تبصّر وتدبّر. وحينما فشلوا في فهْمها، وعجزوا عن تعقُّل نصوصها، ركلوها جميعاً، وحصروها في الكنائس والبِيَع والأدْيرة، ومعابد الكهّان والرّهبان، وتركوها تلفظ أنفاسها في نسيان وصمت.
أمّا الإسلام العظيم، فآياته بيِّنات ودلائلُه واضحات، تدركه العقول لأوّل لحظة، وتطمئنّ له القلوب، وتنشرح له الصدور، بمجرّد سماع آياته أو التّعرّف على أحكامه؛ قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
ولم ينتقل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الرّفيق الأعلى إلاّ بعد أن بلّغ الإسلام وأبان الحجّة، ووضّح العقيدة وضوحاً جلياً، وطبّق الشريعة، وأقام الحدود، ودخل الناس في