وجوب الاعتقاد والإيمان أنهم جميعا -عليهم الصلاة والسلام- قد بلغوا رسالات الله على الوجه الأكمل.

ممَّا يجبُ على المسلم التَّصديقُ به، والاطمئنان القلبيُّ له: أنَّ جميع الأنبياء والمرسلين، قد أبلغوا رسالاتِ ربِّهم، على الوجه الأكمل، وأنَّهم وقفوا حياتهم للدَّعوة إلى الله، وما فرَّطوا لحظةً فيها، وما عُلم أنَّ أحداً منهم تقاعس أو تكاسل لحظةً في حياته، أو أصابه وَهنٌ ممَّا يلقاه من قومه، وأنَّ الله حفظهم، وأمر الملائكة بترصُّد كلِّ من يحول بينهم وبين ما يدعون إليه، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} [الجن:26 - 28].

قال -تعالى- مخاطباً حبيبه ورسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-:

{يَا أَيُّهَا الرَّسول بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67].

وقد بيَّن القرآن الكريم، أنَّه ما يجرؤ نبيٌّ من الأنبياء، على كتمان بعض ما أمر الله به، أو الزِّيادة فيه أو النُّقصان منه، قال -تعالى- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-:

{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الحاقة:44 - 52].

وهذا هو شأنُ الأنبياء جميعاً: كمالُ الإبلاغ، وكمالُ إرسال أمانة الدَّعوة إلى الله، على أحسن وجه، قال -تعالى- عن نوح -عليه السلام-:

{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالةٌ وَلَكِنِّي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015