ب- روي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((أنا أكرمُ وَلَدِ آدَمَ على رَبِّي، ولا فخرَ))، وفي روايةٍ أخرى لابن عبَّاس -رضي الله عنهما-: ((أَنَا أكرمُ الأوَّلينَ والآخِرينَ، ولا فَخر)).
وروي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ((أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ)) أخرجه الإمام مسلم.
ج- روي عن واثلة بن الأسقع -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ)) أخرجه الشَّيخان.
فهذه الأحاديث الصَّحيحة، تنبئ عن مكانة الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وعن فضله على سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى كافَّة الخلق أجمعين، ومن أراد المزيد فليرجع إلى "الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض"، ومع هذه المكانة العالية والمنزلة الرَّفيعة؛ فإنَّ أدب الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتواضعَه، جعله يأمر المسلمين، أن لا يرفعوا منزلته على منزلة أحدٍ من الأنبياء غيرِه، فقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لا تُفضِّلوني على يُونُسَ بن متّى، ولا تُفَضِّلوا بينَ الأنبياءِ، ولا تُخَيِّروُني عَلَى مُوسَى)).
فالنهي عن التَّفاضل موجَّهٌ في حقِّ النُّبوَّة والرِّسالة، إذ إنَّ مقام الأنبياء والمرسلين في النُّبوَّة واحدٌ، وإنَّما التَّفاضل بأمورٍ أخرى زائدةٍ عليها، يمنحها الله لأنبيائه ورسله، حيث يخُصُّ -سبحانه وتعالى- بها نبيَّاً دون آخر.
ولقد ذكر القرآنُ الكريمُ، ما اختصَّ به اللهُ كلَّ نبيٍّ ورسولٍ من معجزات ومقامات وأحوالٍ، يُفاضل اللهُ بها بينهم.