جاء الإسلامُ، وقد سادت لدى بعضِ العربِ وغيرهم، معتقداتٌ فاسدةٌ عن الملائكة، وألصقوا بهم الافتراءات، ما هم منها براء، وقد طلبوا من رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يطلبَ من الله أن يُكلِّف الملائكة ببعض الأعمال والمهامِّ، التي ليست من طبيعة خلقهم.
ولقد أورد القرآن الكريم تلك الشُّبهات عنهم، وقام بالرَّدِّ عليها، ومن هذه الشبهات ما يلي:
أولاً: الزَّعم بأنَّ الملائكة إناثٌ، وأنَّ الله اصطفاهم له دون الأولاد، وهذا افتراءٌ عظيم على الله، وانتقاص لوحدانيته، -سبحانه وتعالى- وقد ساق القرآن العظيم هذه الفرية وفندها، قال تعالى:
{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً} [الإسراء:40]
وقال تعالى:
{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ * وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزُّخرُف:20،19]
فقد أبطل الله مزاعمهم الكاذبة، فيما ادَّعَوه على الملائكة، وبما نسبوه إلى الله، تنزَّهت ذاته وتعالى عما يصفون وعما يقولون علوَّاً كبيراً.
قال الإمام ابن كثير في تفسير تلك الآيات:
"أي اعتقدوا فيهم ذلك -أي الأنوثة- فأنكر الله عليهم قولهم، بقوله:
{أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}
أي أشاهدوا وقد خلقهم إناثاً،
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ}
أي بذلك، ويسألون يوم القيامة".
ويقول -رحمه الله- فيما ادَّعاه المشركون حول الملائكة:
"فجمعوا بين أنواع كثيرة من الأخطاء: