للحاكم الظالم الذي ادّعى الألوهية. ويتجلّى الصّبر والحِلم مع أبيه. ويتجلّى في أعظم صُوَره وأسمى معانيه في تنقّله بين فلسطين ومصر ومكّة المكرمة.

غير أنّ ما انفرد به وتميّز به في ميدان الصبر وقوة التحمّل، والثّبات ورباطة الجأش، والاستسلام لأمر الله والرضى بقضائه وقَدَره، كان في المواطن التالية:

1 - الصبر وعدم اليأس من الإنجاب والذُّرِّية، وقد جُوزِي وكوفِئ على صبره بإسماعيل من زوجته هاجر، وبإسحاق من زوجته سارة.

2 - الصبر على الإلقاء في النار، بصبر واطمئنان، وثقة مطلقة بالله، فأنجاه الله منها وخرج سليما معافىً، قال تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ}.

3 - الصبر على فراق هاجر وإسماعيل، وترْكهما في مكة المكرمة، حيث لا ماء ولا زرع ولا بشَر، ولجأ في هذا الموقف لله، قال تعالى عن لسانه -عليه السلام-: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.

4 - الصبر الجميل والاستسلام المُطلَق لأمْر الله بذبْح إسماعيل بعد رؤية صادقة، فصبر صبراً ليس في طاقة بشَر أن يتحمّله؛ فمن يطيق أن يُمسك بالسِّكِّين ويذبح وحيدَه وفلذة كبِده، والذي رزقه الله بعد صبر وتلهّف وطول انتظار. ولكنّه أمْر الله الذي لا يُردّ، وطبيعة الأنبياء في المبادرة بالإذعان والإسراع في تنفيذ الأمْر بلا تردّد أو مناقشة. وقد اشترك الابن والأب والأمّ في فضيلة الصبر ومُطلق الطاعة لله؛ فالابن قال: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}. والأب امتثل. والأم استسلمت لأمر الله في وحيدها وقرّة عيْنها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015