وفي مقام الدُّعاء، قال -عزَّ وجلَّ-:
{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْية إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:54 - 55].
وفي مقام العبادة، قال -تعالى-:
{وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس:22].
فالإنسانُ بتوحيد الرُّبوبيَّة يدرك عجزه أمام قوى الكون المختلفة، ولا يعلم تفسيراً لها، ولذلك سلَّم بوجود الخالق، وقد آمن العرب بوجود الرب الخالق، غير أنَّ هذا الإيمان غيرُ مُنجٍ لهم؛ لأنَّهم اتَّخذوا أصناماً آلهة، وقد ذكر القرآن الكريم أنَّ العرب كانوا يُقرُّون بوجود الخالق، قال تعالى:
{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [المؤمنون:84 - 90].
وقد أنكر الله عليهم ما اتَّخذوه من آلهة، واستغربَ القرآنُ من ضلال عقولهم، فكيف يؤمنون بالخالق، وفي نفس الوقت يجعلون معه آلهةً أخرى، فقال -تعالى- بعدَ هذه الآيات مباشرةً-: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون:91].
وهكذا، فإنه ليس مَن أقرَّ بأنَّ الله تعالى هو ربُّ كلِّ شيءٍ، يكون موحداً في ألوهيته وأسمائه وصفاته.
النَّوع الثَّاني: توحيد الألوهيَّة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "الإله هو المعبود المطاع، فإنَّ الإله هو المألوه، والمألوه هو الَّذي يستحقُّ أن يعبد".