وقد استنبط أئمَّة السلف من النُّصوص القرآنيَّة، التَّي تناولت مسائل العقيدة: أنَّ توحيد الله يَرِدُ على ثلاثة أنواع:
النَّوع الأول: توحيد الرُّبوبيَّة:
فالرَّبُّ في اللُّغة: المالك، المدبر، وربُّ كلِّ شيءٍ، مالكه ومستحقُّه أو صاحبه، والربوبيَّة مشتقة من الرب، ومعناه السيد والمالك والمربي.
ومعنى توحيد الربوبيَّة هو: الإقرار بأنه -سبحانه وتعالى- هو خالق الخلق ومالكهم ومحييهم ومميتهم ومعطيهم ومانعهم، وله الخلق والأمر كلُّه، قال -سبحانه- عن نفسه:
{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54].
ويدخل في هذا التَّوحيد، الإيمانُ بقدر الله -سبحانه-، أي الإيمان بأنَّ كل محدَث هو صادرٌ عن علم الله -عز وجل- وعن إرادته وقدرته.
ولقد أفاض القرآن الكريم عن هذا النَّوع من التَّوحيد، ولم تخلُ سورةٌ من سوره منه، فآيات الذكر الحكيم تذكره في مقام الحمد لله، وعبادته والانقياد له والاستسلام، ففي مقام الحمد يتلو المسلم في كل ركعة يصليها:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2].
ويقول -سبحانه-:
{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الجاثية:36].
وفي مقام الاستسلام لله، والانقياد له، قال -عز وجل-:
{قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:71].
وفي مقام التَّوجُّه إلى الله -عز وجل- وإخلاصِ القصد إليه، قال -تعالى-:
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162].