2 - الأسس التَّي تقوم عليها الدَّعوة إلى الله

من دعائم وأسس دعوة الرُّسل

الحمد لله، الَّذي أرسل رسوله بالهُدى ودين الحقِّ، لِيُظهرَه على الدِّين كلِّه، ولو كره المشركون، والصَّلاة والسَّلام على الهادي البشير، والسِّراج المنير، وعلى آله وأصحابه، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدِّين.

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

تمهيد:

لقد تناولنا في اللِّقاءات السَّابقة تعريفَ وتحديدَ مفهوم المنهج في اللُّغة والاصطلاح، ووضَّحنا الفرق بين المنهج والأسلوب، وذكرنا أنَّ منهج الدَّعوة إلى الله يقومُ على الحواسِّ والعقلِ والعاطفة، وهي أمورٌ أودع الله فيها من أسرار الخلق ودلائل الإعجاز ومشاهدِ القدرة، ما تخفى على كثير من خلقه، قال تعالى:

{وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ} [البقرة:255].

وفي هذه المحاضرة، نبين القضايا والموضوعات التَّي قامت عليها دعوة الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-، والتَّي هي في جوهرها وأسسها دعوات الأنبياء والمرسلين، من لدن آدمَ إلى بعثته -صلَّى الله عليه وسلَّم-، قال تعالى:

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّين مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّين وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى:13].

والأنبياء المذكورون في هذه الآية، هم أولو العزم من الرُّسل، الَّذين أفاض القرآن الكريم في عرض دعواتهم، وتوضيح الأسس التَّي قامت عليها رسالتَّهم، وهي في نفس الوقت أصلُ وجوهرُ كلِّ الرسالتَّ، قال تعالى:

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً} [الأحزاب:7،8].

وسوف تتضمن هذه المحاضرةُ العناصر التَّالية:

1 - الإيمان بوجود الله:

وهو الاعتقاد القلبيُّ الجازم، والتَّصديق العقليُّ القاطع، والإيمانُ اليقينيُّ الخالص، بوجوده -سبحانه وتعالى- وجوداً لا يعتريه شكٌّ أو تشوبُه شبهة أو ظنٌّ، وهو وجودٌ يليق بذاته تعالى، ومنزَّه عن التَّميُّز والتَّحيُّز في الزَّمان أو المكان.

والأدلَّة والشَّواهد على وجود الله كثيرةٌ، ومنها:

أ-الدَّليل الفطريُّ:

فوجود الله -سبحانه وتعالى- من الأمور البديهيَّة، التَّي يدركها الإنسان بفطرته، وتهتدي إليها العقولُ بما أودعه الله في مشاعر البشر ووجدانهم، ولهذا بُعث الأنبياء والمرسلون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015