من خلال هذه الآيات، يتَّضح في ظهور وجلاء: ما يتََّّصفُ به المؤمنون من رقَّة المشاعر، ورحمة القلوب، ونُبل العواطف، وما عليه الكافرون والعُصاة والطُّغاة، من قسوة القلوب، وتحجُّر النفوس، وموت الأحاسيس.
المنهج العاطفيُّ للدَّعوة إلى الله، يقوم على: تحريك الشُّعور والأحاسيس، وعلى التَّأثير والانفعال، وإثارة كوامن الحِسِّ وخبايا النَّفس، من غضب ورضا ورحمة وشفقة وغلظة ولين وسرور وأحزان.
وهذا يتطلَّبُ من الدَّاعية: أن يعرفَ طبيعةَ الشَّخص الَّذي يدعوه، وأن يدرس أحواله العقليَّة والنَّفسيَّة، وظروفَه الاجتماعيَّة، وأن يقف على أمثل أساليب الإقناع.
ونظراً لأهمِّيَّة المنهج العاطفيِّ، وعمق تأثيره على النُّفوس، وأثره في إصلاح القلوب، ودوره في رُقِيِّ المشاعر، وسموِّ العواطف، ونُبل الأحاسيس؛ فلقد وضع الإسلامُ من خلال الكتاب والسُّنة، الأسسَ التي يقومُ عليها المنهجُ العاطفيُّ للدَّعوة إلى الله، وهذه القواعد والأسس سنذكرها -إن شاء الله- على النَّحو التالي:
1 - محبَّة الله ورسوله:
إنَّ محبة الله ورسوله، هي جوهرُ عقيدة المسلم، وأصلُ إيمانه، وهي أعلى مراتبِ الإيمان. بهذه المحبَّة تسمو العواطف، وتترقرق المشاعر، وتلين الأفئدة، وتطهر النفوس، وتصفو الأرواح.